
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي خلقنا وسوانا، وله الحمد على ما ربانا فيه على موائد البر والكرم، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد الذي أدبه وأحسن خلقه، وأثنى عليه سبحانه بقوله ” وإنك لعلي خلق عظيم ” وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربه من الذي صلحت قلوبهم وأنفسهم، وحسنت أخلاقهم وكانوا من الفائزين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد لقد أوصى رسولنا الأعظم المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم بأهل مصر خيرا، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما ” رواه مسلم، والرحم لأن أم إسماعيل وهاجر من القبط، وفي لفظ ” فإن لهم ذمة وصهرا” والصهر لأن مارية أم إبراهيم رضي الله عنه منهم.
والذمة هي الحرمة والأمان، ولذلك قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قبط مصر أخوال قريش مرتين، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “أحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما” رواه مسلم وأحمد، وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أوصى عند وفاته، فقال ” الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله ” رواه الطبراني، وعن عبد الله بن يزيد وعمرو بن حريث وغيرهما رضي الله عنهم، قالوا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إنكم ستقدمون على قوم جعدة رءوسهم فاستوصوا بهم خيرا؟ فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله ” رواه أبو يعلى الموصلي وعنه ابن حبان في صحيحه، ولقد صلى النبي صلي الله عليه وسلم بها في رحلة الإسراء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال.
” أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوها عند منتهى طرفها فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت فقال انزل فصل، ففعلت فقال أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر، ثم قال انزل فصل، فصليت فقال أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله عز وجل موسى عليه ” رواه مسلم، وكما أن مصرنا الحبيبه نهرها النيل من أنهار الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة” رواه مسلم، واعلموا يرحمكم الله أن مصر أرض الأنبياء والصحابة والصالجين، فقد عاش علي أرضها الأنبياء، وكان بها صفوة خلق الله تعالي، فكان بمصر من الأنبياء إبراهيم الخليل ويعقوب ويوسف واثنا عشر نبيا من ولد يعقوب وهم الأسباط وموسى وهارون ويوشع بن نون، وعيسى بن مريم،
ودانيال عليهم الصلاة والسلام، وعاش علي أرضها الصحابة ومنهم الزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص وكان أمير القوم، وعبد الله بن عمرو، وخارجة بن حذافة العدوي، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيس بن أبي العاص السهمي، والمقداد بن الأسود، وعبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح العامري،، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، هبيب بن معقل وغيرهم، وكما عاش علي أرضها الفقهاء والعلماء ومنهم الإمام الشعبي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومحمد بن إسماعيل بن علية، والشافعي وحفص الفرد، وإبراهيم بن أدهم، ومنصور بن عمار المتكلم، ويزيد بن أبي حبيب، والليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، وأشهب، وابن القاسم وعبد الله بن عبد الحكم وأسد بن موسى ومحمد بن عبد الحكم، والمزني والربيع وأحمد بن سلامة الطحاوي وشيخ الإسلام البلقيني.
وابن حجر العسقلاني، فمن الأسماء اللامعة في العلوم الحديثة مثل الرياضيات والفلك والطب والفلسفة والمنطق وغيرها من العلوم هو الإسكندر ذو القرنين، الذي تلا الله قصته في القرآن الكريم، ومنهم فيثاغورث وسقراط وأفلاطون وأرسطا طاليس و أرشيمدس في الهندسة وجالينوس في الطبيعة، حتى إنها كانت وما زالت تعلم وترسل بعثاتها إلى الخليج العربي لتعليم كافة العلوم والفنون، في الأدب والفقه والشريعة والحديث والقرآن وغيرها من العلوم.



