
بقلم – عادل سعد عبيد
لا شك أن المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية لم تعد مجرد مناوشات بالوكالة أو رسائل عسكرية محدودة، بل أخذت منحى تصاعديًا خطيرًا ينذر بانفجار إقليمي واسع قد يغيّر ملامح الشرق الأوسط لعقود قادمة.
ما كنا نعتبره “حرب الظلال” بات الآن في العلن، على وقع ضربات مباشرة، وتبادل صريح للتهديدات، وتحريك لقطع الشطرنج على مسرح واسع يشمل سوريا ولبنان والعراق، بل وربما الخليج العربي نفسه.
جوهر الصراع
من جهة، ترى إسرائيل في التمدد الإيراني على حدودها تهديدًا وجوديًا. ومن جهة أخرى، تعتبر طهران أن وجودها في سوريا ولبنان، ودعمها لقوى مسلحة مثل “حزب الله” و”الحشد الشعبي”، جزءًا من “عمقها الاستراتيجي” في مواجهة ما تصفه بـ”الهيمنة الصهيونية – الأمريكية” على المنطقة.
لكن هذا الصراع ليس ثنائيًا فقط، بل مرآة لانقسام إقليمي أوسع بين محورين: أحدهما يتبنى مشروع “المقاومة” كعنوان سياسي واستراتيجي، والآخر يسعى إلى تثبيت الاستقرار من خلال التحالفات مع الغرب والانفتاح على إسرائيل، كما بات واضحًا في اتفاقات التطبيع الأخيرة.
الحرب بين إيران وإسرائيل ليست مجرد معركة بين جيشين، بل اختبار حقيقي لتماسك الشرق الأوسط، إن اندلاع حرب مفتوحة سيُدخل أطرافًا متعددة في اللعبة، فلبنان قد يتحول إلى ساحة مواجهة ساخنة، وسوريا تظل الأرض الأكثر عرضة للاشتعال بفعل وجود القوات الإيرانية والروسية والإسرائيلية على أراضيها، أما العراق يرزح تحت ضغط داخلي هائل ويخشى أن يصبح مجددًا ساحة تصفية حسابات، بجانب دول الخليج التي تترقب بحذر، فالنيران قد تصل إلى عمقها الاقتصادي والعسكري، خاصة في حال استهداف المضائق البحرية الحيوية.
الدول العربية وما بعد الحرب
في غمرة هذا التصعيد، تجد بعض العواصم العربية نفسها أمام مفترق طرق: هل تلتزم الحياد؟ أم تنخرط في تحالفات عسكرية دفاعًا عن أمنها الوطني؟
الخطر الأكبر يكمن في غياب الموقف العربي الموحد، وترك مصير المنطقة رهينة لتقديرات أطراف خارجية، لا تنظر إلى شعوب المنطقة إلا كأرقام في حسابات النفوذ والطاقة.
حتى لو هدأت النيران مؤقتًا، فإن قواعد اللعبة تتغير، فهناك تحالفات تتشكل، وتوازنات تتبدل، ما بعد الحرب – إن وقعت – لن يكون كما قبلها.
هل نشهد شرق أوسط جديدًا تصوغه طهران وتل أبيب؟ أم تستفيق العواصم العربية لصياغة مشروع سياسي موحد يضع حدًا لهذا الانفلات؟
المنطقة اليوم بحاجة إلى أكثر من بيانات إدانة وتصريحات دبلوماسية، إنها بحاجة إلى موقف عربي استراتيجي، لا يقف عند حدود الانفعال، بل يتجاوزها إلى بناء توازن إقليمي عادل يضمن أمن الجميع، لا انتصار طرف على حساب آخر.
وعلى المحبة نلتقي،،
رئيس مجلس الإدارة