
بقلمي دكتورة -جعدوني حكيمة
لقد انكشف الستار، وسقطت الأقنعة عن وجوهٍ طالما ادّعت الحياد، وتكشفت الحقائق أمام شعبٍ يُذبح كل يوم على مرأى من العالم.
فما نشهده اليوم من مذبحة بطيئة بحق الفلسطينيين ما هو إلا ثمرة مباشرة لمخطط جهنّمي تتزعّمه أمريكا، وتخدمها فيه أذرعها “المتواطئين بالصمت” من الأعراب المنافقين، مع أولئك الذين يُشكّلون “اللوبي المؤبَّد” لنظام الإرهاب الدولي، حلف الناتو الأطلسي الذين ارتضوا الاصطفاف خلف المشروع الصهيوني الأممي، بقيادة “النتن الأقرن” حامل عصا الشيطان، اليد القذرة التي تحرّكها واشنطن حيث شاءت.
أما الأذرع المالية والإعلامية لهذا النظام، فهي موزّعة بين الصهيونية اليهودية، والخيانة الأعرابية، والمنتفعين الأوروبيين من الطبقة المتسلّطة التي باعت الإنسانية مقابل أرباحها.
لقد أُغلِقت في وجه الفلسطينيين كل سُبل النجاة، حتى لم يتبقَّ لهم سوى الموت جوعًا وعطشًا وقهرًا. أطفال يموتون بسبب المجاعة، ومرضى يُتركون يواجهون مصيرهم، والغذاء والدواء محرّمان عليهم. إنها إبادة ناعمة.. ناعمة تُمارس على مدار الساعة من دولة الاحتلال وأذنابها التقليديين، تحت سمع ونظر العالم.
“الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ و …” سورة البقرة،
وفي هذا الإطار، كنت قد نبّهت إلى هذا السيناريو في تصريحي بتاريخ 21 يناير 2021، حيث كتبت في مقالي:
• “كنتُ قد أشرت سابقًا إلى وجود تضخيم متعمَّد وتصنّع في بث الأخبار الكاذبة، وذلك لأهداف مستقبلية تسعى من خلالها بلاد واحدة إلى الاستهزاء بنفسية الشعوب الجاهلة، تمهيدًا لفرض النظام العالمي الجديد.”
• “العالم يعود إلى مبدأ السيد والعبد، والتعذيب هو القانون، والتسوّل من الملك هو الحق المقدّس.”
• “أولئك الذين نراهم على الشاشات جنود مدرَّبين على التمثيل، ومصادر الأخبار ذاتها باتت نهرًا متشعبًا.”
• “اليوم، السلاح أصبح الغذاء نفسه. قانون التجويع هو أقسى أدوات السيطرة والاستعباد.”
– أمريكا التي طالما تزيّنت بشعارات الديمقراطية، نزعت أخيرًا قناعها، وكشفت عن وجهها القبيح: أنها الراعي الرسمي للإرهاب العالمي، تمسح جرائمها في أكمام الدول التي ترفض الانصياع لسياساتها الاستبدادية.”
نعم، أمريكا هي رسول الشيطان، والنتن الأقرن هو عصاه.
حقًا أقول لكم:
ما يجري اليوم يُعدّ الصراع السياسي الأفضع، إنه امتحانٌ صارخ لإنسانية هذا العالم، وسقوط فاضح لكل مفاهيم العدالة، وفضيحة مدوّية تتداعي من خلالها الشعوب المتحضّرة وتقف صامتة أمام جرائم الإبادة الجماعية.
– ما نراه اليوم وجه آخر لـ “إمبريالية خفية” الراعي المزيف للسيطرة والنهب المقنّع، تتحرّك من وراء الكواليس، تقودها قوى ذات خلفية استغلالية عميقة الجذور، تتزيّن برداء “الدعم والمساعدة”، صاحبة الازدواجية، حقيقتها لا تعدو أن تكون محاولة لتمرير أجندات توسّعية تُبقي العالم الثالث رهينة، محاصر تحت ضغط الجوع والديون.
– الراعي الذي يمدّ يده بالعون ليزرع بها الفقر، ويتحدّث عن “الإعمار” بينما ينسف أسس السيادة، ويُنادي بـ”السلام” وهو يسلّح كل أذرعه الخفية بالنووي لتمزيق الشعوب.
– تلك القوى لم تعد بحاجة إلى جيوش استعمارية تقليدية. فهي لا تلجأ اليوم إلى الاصطدام المباشر، بل تستخدم أدوات أشد فتكًا: صناديق النقد، الإعلام الموجّه، المنظمات العابرة للسيادة، والاتفاقيات المشروطة. إنها استعمار ناعم، يُمارس النصب والهيمنة باسم “الحرية” ويَغرس الفقر باسم “الإصلاح” دون اللجوء لسياسة التورط العلني.
– ففي هذا المسرح الدموي، يتقدّم “الوكيل الحامل لعصا الشيطان” إلى الواجهة، وينفّذ المهام القذرة نيابة عن سادته، فيتورّط عن وعي في ممارسات مرفوضة أخلاقيًا وقانونيًا، من قمعٍ وتصفياتٍ ومؤامرات، لصالح أمريكا وحلفائها التقليديين.
ليكون “النتن الأقرن” أمام العالم قائد قوي وصاحب قرار، يمثّل “دولة ذات سيادة”، بينما هو في الواقع مجرد واجهة هشّة لجهات خفية تتحكّم بكل خطوة من خطواته. إسرائيل التي يدّعون أنها دولة مستقلة، ما هي إلا واجهة أمامية لمنظومة خفية تدير الأحداث من خلف الشاشات، تدفع بالنتن التابع والمنفّذ ليقوم بكل ما هو محرّم دوليًا؛ ليثبت ولاءه ويحظى بـ”دعم سياسي وحماية دولية” يضمن له البقاء و الإستمرار في السلطة، تُبقي مشروع إسرائيل الأممية حيًا.
فالحلفاء لا يريدون التورّط المباشر؛ لذلك يدفعون به إلى خط المواجهة، ليفعل ما لا يجرؤون على فعله علنًا. يظهرونه في الإعلام كبطلٍ لا يرحم، يحاول أن يُرهب خصومه، زعيمٌ حازم لا يتردد، بينما هم يُحرّكونه كدمية، مقابل أن يُحرق اسمه وتاريخه حتى وإن كانت الأفعال غير أخلاقية، بشرطٍ واحد: أن لا تُكشف الجهات الحقيقية أبدًا.
وفي المقابل؟
تُقدّم غزّة ككبش فداء… تُذبح أمام الكاميرات للحصول على لقمة تسدّ بها رمقها من الجوع الفتاك،
برعاية أمميّة مخجلة.