بقلم – نيفين صلاح
“تكونش فاكرة نفسها السفيرة عزيزة؟” – عبارة مألوفة في الثقافة الشعبية المصرية، تُقال في وصف امرأة تعتز بنفسها وتفرض احترامها. لكن قلة تعرف أن “السفيرة عزيزة” لم تكن مجرد شخصية خيالية أو تعبير ساخر، بل سيدة مصرية حقيقية اسمها عزيزة سيد شكري، حفرت اسمها في سجل النضال الاجتماعي والتمثيل الدبلوماسي لمصر، وأصبحت قدوة لنساء الوطن.
وُلدت عام 1919 في مدينة ميت غمر، وسط أسرة محافظة، كان والدها الطبيب سيد شكري أول من علّمها معنى العطاء وتحمل المسؤولية، خاصة بعد مرض والدتها واضطرارها وهي طفلة في العاشرة لرعاية إخوتها الخمسة.
رغم القيود المجتمعية على تعليم المرأة، أصر والدها على التحاقها بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1938، لتتخرج في عام 1942، وتبدأ مشوارًا طويلًا في العمل الخيري والتطوعي.
في عام 1951، تزوجت من أحمد حسين باشا، وشاركته رحلته الاجتماعية والإنسانية، متنقلة معه بين القرى والمناطق الريفية للتعرف على مشاكل الفلاحين والنساء ومحاولة إيجاد حلول حقيقية لها.
وبينما كانت مصر على أعتاب الثورة، سافرت عزيزة مع زوجها في بعثة إلى جزر الكاريبي والمكسيك كأول خبيرة اجتماعية عربية تُلقي محاضرات دولية، وسط تحديات ثقافية وعقبات كثيرة واجهت حضور المرأة في هذا المجال.
بعد ثورة 1952، عادت إلى القاهرة، وواصلت نضالها الاجتماعي، خاصة بعد تعيين زوجها وزيرًا للشؤون الاجتماعية. وكان لها دور فعال في دعم سياسات اجتماعية متقدمة آنذاك، مثل تنظيم الأسرة، إنشاء الحضانات في الريف، وتمكين المرأة المصرية.
وفي عام 1954، سطّرت التاريخ بكونها أول سيدة عربية تمثل مصر رسميًا في الأمم المتحدة، لتُصبح وجهًا مشرفًا لمصر في الساحة الدولية، وصوتًا نسائيًا جريئًا في قضايا الأسرة والمجتمع.
تقديرًا لمسيرتها، منحتها الأمم المتحدة عام 2000 ميدالية التميز، بجانب أسماء مثل الأم تريزا وأنديرا غاندي، لما قدمته من خدمات جليلة للمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية.
رحلت السفيرة عزيزة عن عالمنا في 19 يناير 2015، لكن بقي اسمها رمزًا لكل امرأة مصرية تسعى للعلم، وتحمل همّ الوطن، وتواجه التحديات بالعقل والإرادة والكرامة.
