
بقلم – نيفين صلاح
في قلب صخور الجبل الغربي بأسوان، وتحديدًا في منطقة “قبة الهوا”، تقف واحدة من أروع المقابر الصخرية التي خلدت سيرة قائد مصري استثنائي من عصر الدولة الوسطى، هو “سارنبوت الأول”، حاكم إقليم الفنتين، وقائد حامية الجيش على حدود مصر الجنوبية.
يعود تاريخ المقبرة إلى عهد الملك سنوسرت الأول، أحد أعظم ملوك الأسرة الثانية عشرة، حين كانت مصر تمد نفوذها جنوبًا نحو النوبة، وتولي أهمية كبرى لتأمين حدودها من أي تهديد خارجي. في ذلك السياق، لمع نجم سارنبوت الأول كواحد من أبرز رجال الدولة، حيث جمع بين السلطة الإدارية والدور العسكري والديني.
المقبرة، المنحوتة بدقة في الصخر، تعد شاهدًا فنيًا وتاريخيًا على عظمة هذا القائد. إذ تحتوي على أعمدة منقوشة بألقابه، ونصوص توثق علاقته الوطيدة بالملك، ومشاهد نادرة من حياته اليومية، إلى جانب مراسم جنازته المهيبة التي تعكس مكانته الرفيعة.
سارنبوت لم يكن مجرد موظف إداري، بل كان عين الدولة في الجنوب، وصوت مصر في أراضي النوبة. حاز احترام الملوك وكهنة المعابد، واستطاع أن يرسم لنفسه مسارًا مختلفًا عن غيره من حكام الأقاليم.
زيارة مقبرة سارنبوت الأول ليست فقط رحلة في قلب آثار أسوان، بل أيضًا نافذة على عصر من أعظم عصور التنظيم الإداري والعسكري في تاريخ مصر القديمة. إنها قصة رجل حمل مفاتيح الجنوب، فاستحق أن يُخلّد اسمه في الصخر.
ولكل من تطأ قدماه قبة الهوا، لا تنسوا أن تنظروا إلى مقبرة سارنبوت بعين مختلفة… فأنتم أمام سيرة قائد، لا مجرد قبر.