
الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، نبي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ثم أما بعد اعلموا أن من ثمار التقوى هو الهداية بنور الله جل وعلا، وثانيها المكانة العالية عند الله، ثم إن التقوى أجل سبب إلى حصول العلوم النافعة، ومن اتقى الله وعمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم، ومن هنا ندرك سبب الفتوحات الإلهية، والإلهامات الربانية على سلف الأمة الصالح الذين قضوا حياتهم بين الجهاد والدعوة، والتعليم والتصنيف، جمعوا بين ذلك كله وبين العلم الواسع الغزير الذي يجعل المسلم في هذا الزمان يندهش من كل ما ألفوا وصنّفوا، يندهش من محفوظاتهم.
وما حصّلوا من العلوم بأنواعها، وما ذاك إلا بتقوى الله، ومن ثمار التقوى هو ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأي نعيم يا معاشر المؤمنين؟ أي نعيم على العبد أعظم مما هداه الله تعالي إلى التقوى؟ وبذلك ينال محبة ربه وخالقه ومولاه، وإذا إطمأن العبد الذليل الضعيف إلى محبة الله العظيم الجليل الكريم فلا يسأل بعد عن محبة أحد بعد الله ورسوله، فليتك تحلو والحياة مريرة، وليتك ترضى والأنام غضاب، فإذا صح منك الود فالكل هيّن، وكل الذي فوق التراب تراب، وليت الذي بيني وبينك عامر، وبيني وبين العالمين خراب، وما لا يحصى من ثمار التقوى من المعية والإحاطة من الله تعالي لعباده المؤمنين المتقين، والفلاح والتوفيق لهم في الدنيا والآخرة، واطمئنانهم، وبعد الخوف والحزن عنهم، وحصول الفوز والبشارة بالنعيم.
واعلموا يرحمكم الله أن من أسباب ضياع الدين وتذويب الهوية الإسلامية هي الفضائيات في عصر إنتشار وسائل الإتصالات الحديثة فهي من التحديات المعاصرة التي ينبغي أن نؤمن بأنها خلقت جوا مناسبا، يستمتع فيه المشاهد ويقضي عليه أوقات طويلة فما يقضيه الشاب أو الشابة مع التلفزيون أو الإنترنت أكثر مما يقضيه من وقت مع والديه وفي حجرته الدراسية، ولقد دلت دراسات على أن الطالب في المرحلة الابتدائية يكون قد قضى من سبعمائة إلي ثماني مائة ساعة في المدرسة في العام بينما يقضي أكثر من ألف ساعة مع النت والتلفزيون سنويا، وكما أن فضائيات الرسوم المتحركة أسرت أطفالنا بشكل لا يتصور حيث أظهرت أحد الإستطلاعات في ثلاث مدارس للأطفال ذكورا وإناثا، أن واحد وستين في المائة من الأطفال يعتمدون على القنوات الفضائية فى مشاهدة أفلام الكرتون.
ومن المؤكد أن بعض هذه البرامج تأتى حاملة لقيم البلاد التى أنتجتها، والخوف المؤرق هو إنعكاس ثقافتها، حيث أن عددا كبيرا من الآباء والأمهات يستأنسون بمكوث أطفالهم أمام الشاشة بدعوى تطبيع الهدوء داخل المنزل وحتى لا يعظم جانب الذاتية والعنف وتقتل القدوة الحسنة لدى أطفالنا ويكتسبون مفاهيم وقناعات تصرفهم عن ديننا الإسلامي فإنه ينبغي أن نعمل على إيجاد القنوات الفضائية المحافظة للأطفال ونصرفهم بطرق غير مباشرة عن بعض القنوات الرديئة بشكل دائم لأن المظاهر المشاهدة من بعض الأطفال هو ترديدهم لألفاظ وعبارات غريبة، وكذلك تقليد حركات وأصوات لا تمت لديننا بصلة، ولقد حذر علماء الأمة من القنوات الفضائية وما تبثه من إنحلال وإنحطاط ورزيله، فإحذروها فإنها شر مستطيل على أطفالنا عند غفلتنا لعل المرء يحدث نفسه.
بإخراج القنوات الفضائية من البيت إلي الأبد لكي يجعل أطفاله في مأمن من الفتنة والانحراف، ولعل هذا الحل يعتبر عقيما وغير ناجع لأن الحلول ليست في المنع والحذر فحسب وإنما تكون في إيجاد البدائل المناسبة المقنعة وقنوات الأطفال الإسلامية بدأت تنتشر، وتأخذ مكانها في الساحة بحمد الله، إلا أن ضعف جاذبية بعضها تجعل الطفل يشتاق ويطلب القنوات الأخرى التي تجذب ولكنها تخرب، ولكن علينا أن نوفر القنوات الخاصة بالأطفال، فاللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، وحرّم على النار أجسادنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا ع
ذاب النار.



