تحت رعاية الأستاذ الدكتور علاء عبد الهادي، رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، أقامت لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة ندوة تثقيفية بعنوان “الزوجة المصرية القديمة”.
وقد عُقدت الندوة يوم السبت الموافق 4 أكتوبر 2025، في تمام الساعة الرابعة عصرًا بمقر النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بالزمالك، برئاسة الكاتب والأديب عبدالله مهدي، رئيس اللجنة.
الندوة، التي جاءت وفاءً وتقديراً لعطاء الزوجة المصرية، استضافت كوكبة من المتخصصين لإلقاء الضوء على مكانة المرأة ودورها المحوري في الأسرة والمجتمع المصري القديم.
المتحدثون يكشفون عن دور الزوجة ومكانتها القانونية
تحدث في الندوة كل من:
* الباحثة ناجية نجيب فانوس: المدير العام السابق بالمتحف المصري والباحثة في الآثار القديمة.
* الباحثة منيرة محمد حمدي: مسئول النشاط الثقافي بالمتحف المصري.
وقد أدار الندوة ببراعة الكاتب والأديب عبدالله مهدي.
الحضارة المصرية سباقة في احترام الزوجة
في مستهل حديثه، أوضح الكاتب عبدالله مهدي أن هذه الندوة تأتي تأكيدًا لعطاء الزوجة المصرية لأسرتها، ودليلاً واضحاً على أن الحضارة المصرية القديمة كانت سبّاقة في احترام الزوجة وتقديرها.
وكشف مهدي عن تفاصيل غير مسبوقة تتعلق بوضع المرأة القانوني والاجتماعي في مصر القديمة، مشيراً إلى أنها كانت أول من عرفت الزواج المدني وضرورة وجود شهود على العقد. ولفت إلى أن الزواج لم يعرف التوثيق بعقود مكتوبة إلا في فترة العصر المتأخر، مستشهداً بنصوص تاريخية مهمة:
* أقدم نص لعقد زواج يمكن الاطلاع عليه يعود إلى عام 590 ق.م.
* عقد زواج مكتوب بالخط الهيراطيقي عُثر عليه في جزيرة الفنتين، ويعود لعهد الملك نختنبو الثاني (359 – 341 ق.م)، وهو محفوظ حاليًا بالمتحف المصري بالقاهرة.
وقد تناول مهدي البنود التفصيلية التي كانت تتضمنها عقود الزواج المتأخرة، والتي تحدد إطار العلاقة بين الزوجين وتشمل: التاريخ، الإشهار، طرفي العقد، المهر، المعيشة، الضمان، الانفصال، حماية الأطفال، القسم/التعهد، المتعلقات الخاصة بالزوجة، المتعلقات المشتركة، الميراث، الرهن، والتعويض في حالة الانفصال.
وأشار إلى أن أحد عقود الزواج في العصر المتأخر يلقي الضوء على مكانة المرأة عند زوجها، حيث تضمن تعهد الزوج بتقديم: مقدار من القمح كل صباح، مقدار من الزيت شهرياً، راتباً شهرياً، فضلاً عن نفقات سنوية للعناية بزينتها وجمالها.
حقوق الزوجة في الميراث والطلاق
لم تقتصر حقوق المرأة على فترة الزواج فقط. فقد أكد مهدي أن الزوجة المصرية القديمة أخذت حقها كاملاً عند وقوع الطلاق أو وفاة الزوج. بموجب قانون الملكية، كان يعود للمرأة ممتلكاتها الخاصة، وتحصل أيضاً على خمسة أضعاف المهر وقت الطلاق كـ”تسوية”.
وفي حالة وفاة الزوج، كان للزوجة الحق في ثلثي ميراث زوجها، بينما يُقسم الثلث الباقي على الورثة الآخرين (كالأطفال وأخوة وأخوات المتوفى).
“أحبب زوجك في البيت كما يليق بها”
في تأكيد على الأسس الأخلاقية للمعاشرة الزوجية، استدعى الكاتب عبدالله مهدي نصائح الحكيم “بتاح حتب” التي تمثل دستوراً قويماً لمعاملة الزوجة. واختتم مهدي كلمته بالاقتباس الشهير الذي يرسم السياسة المثلى لضمان حسن المعاشرة ودوام المودة:
“( أحبب زوجك في البيت كما يليق بها ، املأ بطنها واكس ظهرها ، واعلم أن الضموخ علاج لأعضائها ، أسعد قلبها مادامت حية ، لأنها حقل طيب لمولاها … )”
واختتم بالإشارة إلى الصورة الخالدة المنقوشة على ظهر كرسي عرش الملك توت عنخ آمون، والتي تجسد أسمى معاني الحياة الزوجية، حيث يظهر الملك جالساً والملكة تضع العطر على كتفه برقة ولطف، في مشهد يجسد عمق المودة والعاطفة بينهما.
الندوة كشفت بوضوح عن أن مكانة الزوجة المصرية القديمة لم تكن مجرد دور اجتماعي، بل كانت مكانة مدعومة قانونياً وأخلاقياً، مما يؤكد تقدم الحضارة المصرية في احترام المرأة.