
يوافق الخامس من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للمتطوعين وهو مناسبة اعتمدتها الأمم المتحدة عام 1985 تقديرًا لجهود المتطوعين حول العالم واعترافًا بالدور الحيوي الذي يلعبه العمل التطوعي في دعم المجتمعات وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف المجالات يأتي هذا اليوم ليذكرنا بأن العطاء قيمة إنسانية لا ترتبط بعِرق أو دين أو مكان بل هي انعكاس لنقاء الروح وإرادة التغيير.
التطوع… لغة عالمية تتجاوز الحدود
يمثل العمل التطوعي واحدًا من أهم أدوات بناء المجتمعات فهو يعكس روح التعاون والتكافل ويسهم في سدّ فجوات كثيرة تعجز الإمكانات الرسمية وحدها عن تغطيتها فالمتطوع لا ينتظر مقابلًا ماديًا لكنه يصنع قيمة معنوية عميقة تتجاوز أثرها اللحظة الحالية لتمتد إلى أجيال كاملة تستفيد من جهده وإخلاصه.
وعلى مستوى العالم تتنوع صور التطوع بين تقديم الدعم الإجتماعي والرعاية الصحية وخدمة البيئة وتعليم الأطفال والمشاركة في حملات الإنقاذ والعمل في المبادرات الإنسانية والتنموية وكل تلك الأوجه من العمل التطوعي تُثبت أن الخير طاقة إذا انطلقت لا تتوقف وأن الإنسان قادر على إحداث تغيير حقيقي مهما كانت إمكاناته.
أهمية اليوم العالمي للمتطوعين
لا يقتصر هذا اليوم على الاحتفاء الرمزي فقط بل يحمل عدة أهداف جوهرية أبرزها:
1. إبراز جهود المتطوعين الذين يعملون بصمت بعيدًا عن الأضواء.
2. تشجيع الأفراد على الانخراط في العمل التطوعي من خلال التعريف بقيمته وأثره.
3. تعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية لدى المؤسسات الحكومية والخاصة.
4. تسليط الضوء على قصص النجاح والتجارب الملهمة التي أحدث فيها المتطوعون تحولًا في مجتمعاتهم.
5. دعم رؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 التي تعتبر التطوع عنصرًا مهمًا في تحقيق أهدافها.
المتطوعون… قوة خفية تُسيّر العالم
قد لا يعرف الكثيرون أن ملايين الساعات التطوعية سنويًا تسهم في دعم قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم وحماية البيئة والإغاثة الإنسانية ففي لحظات الأزمات والكوارث يظهر المتطوعون كخط دفاع أول يقدمون المساعدة، ويرممون الأوجاع ويعيدون الحياة إلى من يظن أنها توقفت.
إنهم الجنود المجهولون الذين ينسجون الأمل في أوقات الشدة ويزرعون الخير كلما سنحت الفرصة ويصنعون الفارق حيثما حلّوا.
التطوع في العالم العربي ومصر
شهدت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في ثقافة العمل التطوعي سواء على مستوى المؤسسات أو الشباب. وفي مصر أصبحت المبادرات التطوعية جزءًا أساسيًا من المشهد المجتمعي لا سيما مع التوسع في أنشطة الخدمة العام وبرامج التضامن الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني، والمبادرات الطلابية داخل الجامعات.
كما ساهمت التحولات الرقمية في تسهيل الوصول إلى فرص التطوع من خلال منصات متخصصة توفر للمواطنين طرقًا سهلة للانضمام لمشروعات تنموية أو حملات بيئية أو برامج الصحة والتعليم.
أثر العمل التطوعي على الفرد والمجتمع
يسهم العمل التطوعي في بناء شخصية الفرد فيكسبه مهارات جديدة مثل القيادة والعمل الجماعي والتواصل الفعّال وإدارة الوقت والشعور بالمسؤولية كما يعزز الانتماء للوطن ويجعل الإنسان جزءًا من حلّ مشكلات المجتمع بدلًا من أن يكون مجرد متفرج.
أما على مستوى المجتمع، فيُعد العمل التطوعي ركيزة أساسية لدعم التنمية لأنه يقلل الأعباء على المؤسسات الحكومية ويعزز التكافل الاجتماعي، ويوجه طاقات الشباب نحو ما يفيدهم ويفيد وطنهم.
نحو مستقبل أكثر إشراقًا
إن الاحتفال باليوم العالمي للمتطوعين ليس مجرد مناسبة عابرة بل هو دعوة لمدّ جسور العطاء بين الناس وتأكيد أن التطوع أسلوب حياة يتكامل مع الأدوار الرسمية لتحقيق التنمية المستدامة.
فالمجتمعات لا تنهض بالموارد فقط بل بنفوس محبة للخير وقلوب تسعى لصناعة أثر وطاقات تتشارك في حمل مسؤولية بناء الوطن.
ختامًا… التحية لكل من أعطى دون انتظار
إلى كل متطوع قدّم جهدًا أو وقتًا أو فكرة أو كلمة طيبة…
إلى كل من آمن بأن العطاء قيمة لا تزول…
إلى كل من سعى لأن يترك أثرًا في طريق غيره…
نقول لكم: شكرًا… أنتم الأمل الحقيقي، وأنتم الجزء الأجمل في قصّة هذا العالم.



