
بِقَلَم : كَرِيمٌ الشربينى .
كَاف وَنُون وَالْقَلْمِ و مَا يَسْطُرُون . . فَمَا كَانَ مَا كَانَ وَمَا كَانَ لَمْ يَكُنْ ؛ فَكُنَّا ذَاك الْبَشَر المبعثر بَيْن الحكاوىِ .
وَحِكَايَات التِّيه تَرْوِيهَا لَنَا حِكَايَة الدُّود مَعَ التُّرَابِ ؛ هَكَذَا جَاءَت حُكْمُه الْأَكْوَانِ و هِى تَنَادَىِ :
يَا كُلّ عَاشِقٌ خَيْبَتِه مَسَالِك الطُّرُقَاتِ . . عُمَر و سَعَى تحددها مسافت الْأَقْدَارِ .
وَيَا كُلّ مَلْهُوف للحبيبِ لِقَاءَه . . فِى الطَّرِيقِ شَوْك وللأيام أَشْوَاكٌ تَجْمَع لتلملم شَمِل الآهاتِ .
يَا أَيُّهَا المفندُ لِلْكَلَامِ . . أَحْسَن الْقَصْد فَفِى دَمْعَهَ صِدْقٌ قَدْ تَفُكّ قَيَّد شاكىِ ، وَفِى رَسْمِه بَسَمِّهَ قَد تَذُوب المغانِى .
و يَا أَيُّهَا الباكى وَرَاء السُّوَر أجُنِنِتْ أَحْمَق أَنْت . . دُنْيَاك لَن تُسْقَى الْأَحِبَّة شَهِدَا وَلَا عَسَلًا . . دُنْيَاك تُسْقَى الشقا أَلْوَان لِكُلٍّ مِنْ وَرَدَ .
يَا أَيُّهَا الطَّامِعُ للفردوسِ سَبِيلًا ؛ فِيك الْخَلِيلُ والكليمُ وَالْمَسِيحُ اِسْتَأْنَسَ الْأَلَم . . وَفِى النُّور رَحْلِهُ تَجُولُ فتسرى لتمحو الظُّلَامَ
يَا أَيُّهَا السَّائِلُ عَنْ الْبَدْرِ ؛ ظَلَام التِّيه يَهْلِك الْبَدَن ، وَهُدَا النُّور يحْيى الْأُمَمَ . .
تَمِيل النَّفْس لِمَن تَرْتَاح . . وَيَمِيل الْقَلْبِ لِمَنْ يَهْوَاه ؛ وَفِى سِرًّا أَضَاء الْقَمَر . . و الْكَوْن يَنْعَم بِنُورٍ مِنْ نُورِهِ . . فَإِن سَأَلْت فَقُل هُوَ ذَاكَ النُّور الأحمدى . . .
و يَا كُلّ بَاحِثٌ ضَلّ سَعْيَهُ . . . رِزْقٌ الْأَرْض خَزَائِنِه بِالسَّمَاء . . و سَمَاء تحطضن مَقَاصِد كُلّ الْعُشَّاق للعلياء .
لَكِن كونى تَائِه بَيْن زِحَام الطُّرُقَاتِ . . وَاقِفٌ زليل معاتب بَعْد المسفاتِ . . وَإِذ بهمسةٍ مِنْ بَيْنِ النَّسَمَات تُعِيد لِلْجَسَد رُوحَه بَعْدَ طُولِ الْغُيَّابِب .
وبضجيج الْخَلَائِق ؤُصارخُ زاتى . . بَعْدَ أَنْ كفنتها هَمَزَات النزواتىِ .
فَيَعُود لِلْجَسَد الْعَلِيل مَغَانِم الْإِحْيَاء . . فَتَرُوح الدُّنْيَا بِلَا أَصْنَامِ .
و يَزِيغُ الْبَصَر نَحْوَ السَّمَاءِ . . و تَرُوح الْيَد تَشْتَكِى حُجَّتَهَا فِى نَيْل السُّؤَالِ . .
تروغُ الرَّأْسُ إلَى السَّمَاءِ نَاظِرُه و آُخَرًا إلَى تُرَابٍ الْأَرْضِ رَاكِعَةٌ تَفْتَرِشُ الْبُكَاء . . .
كَيانٌ قَدْ عَرِفَ سِرّ النَّجَاح و عِظْم الْفَلَاح . . فأبكتهُ خُطَا الذكرياتِىِ .
كَيَانٌ عَرِفَ مِنْ بَيْنِ الْمُعَانَى كَيْفَ يَكُونُ مَعْنَى الإصطفَاء . . عَرِفَ بِأَن الْإِنْسَانِيَّة هِى سَيِّدِه الْأَكْوَانِ . . وَإِن الْعُمْر فِى حَقِيقَتِه فَإِنِىِ .
و أَنَّ الْأَرْضَ يَحْيَى صَوْتَهَا ضَجِيج الْأَحْرَارِ . . تحررو مِنْ عُبُودِيَّةِ دُنْيَا إلَى عِبَادِهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ .
يَعْلُوا النِّدَاء بِنِدَاء وتنهمر الدُّمُوع وينفطر الْقَلْب , فتئن الْأَرْض بِالصَّمْت كَأَنَّهَا تُمانِىِ وُصُول دُمُوع الشاكِىِ . . فَهُوَ ابْنُ تُرَابُهَا و هِى عاشقة لِكُلٍّ مِنْ أَسْمَعَ السَّمَاءِ كُلَّ الشكواتى .
و الْهَمْس لَا يَسْمَعُ مِنْهُ إلَّا السُّكُوت ؛مُكَبَّلٌ بالعجْز و الْعَجْز هُو أجمَل إشارةٍ ربَّانية مِن اللَّه للإنْسان بأَنَّ وقتَ الدُّعاء قَد حَان . فَيَعْلُوَا بِهِ الدُّعَاءُ سُلْطَانٌ
قَائِلًا وَهُوَ يُنَادَى :
أَنْت الْإِلَهُ الْأَعْظَمُ فِى الْأَسْمَاء و الرَّحْمَنُ فِىَّ الصِّفَاتِ وَإِلَيْك أشكوا قِلَّة حيلتىِ و هوانىِ .
فَغَفَر زالةَ مُخطِاء ضَلّ مَقْصِدَهُ . . لَكِنَّه أَصَاب الطَّرِيقْ عِنْدَمَا دَعَاك .
أَنْتَ اللَّهُ وَ أَنَا أَنَا تَنَعَّم بِى أحلامى فِى عَظِيمٌ رِضَاك .
أَنْتَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَك . . . و أَنْتَ الْحَقُّ . . وَوَعْدك حَقّ فبالحق نَحْيَا وَعَلَى الْحَقّ نُفَارِق . فَلَا تُخَيِّب رَجَاء رَوْحٌ كَان مفلتها مِنْكَ هُوَ إلَيْك .
أَنْتَ الْمَلِكُ . . جَبَّار السَّمَاوَاتِ وَ الإِضّ بأنعمك يُسْتَدَلّ بِك لَا عَلَيْك . . هَذَا جَسَد بالى مِنْ النَّارِ يَرْجُو حِمَاك .
يَا هَدْيًا اهْدِ لَنَا أَنْفُسُنَا و أَنْفُسَهُمْ . . و اهْدِنَا لِضَمِير يَصْدَعُ بِالْحَقّ فيهفو شَوْقٌ إلَيْك .
يَا سَتّار كُلُّ مَا سُتِرْ اسْتُرْنَا فَوْقَ الْأَرْضِ وَ تَحْتَ الْأَرْضِ وَيَوْم الْعَرْضِ عَلَيْكَ .
هَارِبٌ مِن رُكام التِيهه و قُصُورٌ الْخَوْف العفِن يرجوا حِمَاك .
عَلِمَ بِأَنَّ أَنِينٌ الْقُلُوب الْمُنْكَسِرَة . . هُوَ الْبَابُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . خطت أَقْلَامٌ لِمَا فِى الصُّدُور تَشْتَاق مِن مزنب طَمِعَ أَنْ ينَعَمُ بِرِضَاك . . . كَرِيمٌ الشربينى .