دين ومجتمع

ثمرة اللسان وأداة البيان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله القائل في كتابه ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” والصلاة والسلام على رسوله القائل ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ” أما بعد لقد أمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم بقول الكلمة الطيبة والإبتعاد عن الكلمة الخبيثة، ولو تأملنا في معنى الكلمة لوجدناها في اللغة تطلق على الجمل المفيدة ويراد بها الكلام، كقولهم في كلمة الإخلاص ” لا إله الا الله ” ومثل هذا قول النبي عليه الصلاة السلام ” أصدق كلمة قالها لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل” وفي إصطلاح النحاة هي اللفظة الواحدة التي تتركب من بعض الحروف الهجائية وتدل على معنى مفرد، والكلمة، بفتح الكاف وكسر اللام هذا هو الأفصح ويجوز فيها فتح الكاف وكسرها مع سكون اللام “كتمرة”

 

و “سدرة” والكلمة ثلاثة أقسام وهم إسم دل على مسمى مثل كتاب أوفعل كتب أوحرف، واو القسم في قولك والله، وجاء في محكم التنزيل قوله تعالى “وألزمهم كلمة التقوى” وقوله سبحانه ” كلا إنها كلمة هو قائلها” وقوله سبحانه “وجعلها كلمة باقية في عقبه” وكل كلمة في القرآن الكريم لا تغني عنها رفيقتها ومرادفتها وهذا من إعجاز القرآن الكريم، فما تأتي من كلمة إلا في مكانها أو موضعها وتأخذ معنى خاصا بها لا تشاركها فيه كلمة أخرى “ومن أصدق من الله حديثا” أو قوله “ومن أصدق من الله قيلا” والكلمة مفردة التخاطب والإعلام وبريد القلب والإحساس ونبض النفس والمشاعر وشاهد الضمير ولسان القضاء وأداة العلم ورسول المعرفة وسفير الحضارة، وثمرة اللسان وأداة البيان ودليل الصدق ومؤنق الأسماع، وقد ترقى إلى عنان السماء

 

عندما تكون آية في كتاب الله تعالي أو حديثا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أودعاء مظلوم أو دعوة خير أوشفاعة بالمعروف “إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه” ولا يستخفن أحد بالكلمة فإنها أمانة ورسالة ومسؤولية ويكفي أن تكون شعار قائلها وسر خلوده ومناط ثوابه وعقابه وقد تتحول إلى صرخة إستغاثة أو بارقة أمل أو لمسة حانية أو خطاب شكر وشهادة وفاء أوعبارة إعتذار أولبنة بناء ومبعث فخر، وأحيانا تكون عكس ذلك كله، فعجبا لتلك لكلمة تكون برحمة الله سبب رضوانه وبسخطه سبب عذابه ونيرانه ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه ” إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم” فالكلمة نعمة ميز الله تعالي بها الإنسان.

 

عن سائر المخلوقات بالكلمة المفهومة، وأمرنا بحسن إنتقائها وإستخدامها ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا” وكما جعلها الله سبحانه ضابط الحسنات والسيئات إلى جانب الفعل والإرادة وجعل عليها رقيبا ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” ليميز بها المصلح من المفسد، وقد منحنا الله تعالي هذه نعمة النطق بالكلمات من أجل أن نستعملها فيما يرضيه عز وجل وأن نسخرها في طاعته وأن نؤثر الكلمة الطيبة على ما سواها، وجعل سبحانه النطق بالكلمة الطيبة وتحريرها من علامة رضوانه وإمتن بها على عباده المؤمنين بقوله سبحانه “وهدوا إلى الطيب من القول” ومن صفات الكلمة الطيبة، أنها تؤلف القلوب وتصلح النفوس وتذهب الحزن وتزيل الغضب وتشعر بالرضا والسعادة لا سيما إذا رافقتها ابتسامة صادقة ” تبسمك في وجه أخيك صدقة “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock