
الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتعالي عن الأشباه والأمثال، أحمده سبحانه وأشكره، من علينا بواسع الفضل وجزيل النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه، كتب الفلاح لمن إتبعه وإحتكم إلى شرعه، ففاز في الحال والمآل صلى الله وسلم وبارك عليه، فهو الذي إجتهد وكد وإجتهد وتعثر ووقع ونهض الى أن إنتصر وهدانا إلي الذي نحن نعيش متنعمين به ومقتربين من الله لأجله ألا وهو نعمة الإسلام ومن بعدها أنزل عليه الكتاب الحق، الكتاب المنيير المبارك وهو خير الكتب السماوية بأكمها ومن ثم سنته صلى الله عليه وسلم التي سنها لنا والتي هي نور نسير عليه وهدى ترشدنا الى النور والى مكارم الأخلاق والى جنة النعيم جعلنا الله وإياكم من ساكنيها، وبجواره صلى الله عليه وسلم يارب العالمين.
يا أبا الزهراء إنك خير هدايا الله لنا وإنك سواك ربك فبعثك لنا فكنت خير مبعوث ووصفك الولى بقوله ” وإنك لعلى خلق عظيم” فكنت خير صاحب لأصحابك وخير أب لأبنائك وخير زوج لأزواجك وخير جار لجيرانك وخير محايد ومسامح لأعدائك وخير من وطئ على الثري صلى الله عليه وسلم ففي يوم وفاتك كل من خالطتهم وتركت ذكراياتك معهم ومعهن تمنوا أن يلحقوا بك ويروا كيف سيجازيك ربك بما قدمته من خير موفور لخلقه ومحاسن الأخلاق فأنت الذي كلما تذكرناك توسلنا وتضرعنا الى الله تعالي أن يصلي عليك صلاة ترد بها روحك وتصلي علينا صلى الله عليه وسلم، ودعوناه سبحانه أن تكون أنت الشفيع المشفع فينا ربك وأن نكون من السكانيين بجوارك، ومن تسقيهم بيداك الشريفتان الكريمتان اللتان إذا سقيت بهن أحد لا يظمأ بعدها أبدا فنسالك يا الله أن نكون وأهلينا.
وذوينا وأحبائنا ممن يسقوا بيد الهادى الكريم المصطفي صلى الله عليه وسلم خير من اصطفيت شربة هنيئة لا يظمأوا بعدها أبدا، واعلموا يرحمكم الله إن السابق إلى الخير إبتغاء وجه ربه يجعله الله إماما في هذا الخير لمن يعمل به بعده، فيعطيه الله أجره، ومثل أجر من فعله لإحيائه لسنة غفل عنها الناس ففي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” رواه مسلم، وكان سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا الناس يوما للصدقة، فسبق رجل بالصدقة فتبعه الناس، وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من دل على خير فله مثل أجر فاعله”
ومن فضل الله تعالى علينا أن الرجل إذا فعل الخير، ولازم عليه فحصل له عارض منعه منه من غير قصد التخلف عنه، أجرى الله له عمله على ما كان عليه قبل ذلك العارض ففي صحيح البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا” وإذا مات المسلم على فعل خير ختم له بخاتمة حسنة يبعث عليها يوم القيامة، وذلك لما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يبعث كل عبد على ما مات عليه” فكم فيه من ثناء عاطر، وتحضيض ماطر، عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



