عربي وعالمي

صومالي لاند أزمة مع بداية العام الجديد

كتبت/نورا سمير فرج

 

 

 

يقع إقليم صومالي لاند في منطقة القرن الإفريقي على خليج عدن، تحده إثيوبيا من الغرب وجيبوتي من الشمال. وهو أصلا كان جزء من جمهورية الصومال التي أعلنت استقلالها عن بريطانيا عام 1960، واعترفت بها الأمم المتحدة. إلا أن الصومال تعرضت إلى حرب أهلية في عهد الرئيس سياد بري. هذه الحرب قُتل فيها ما يقرب من 250 ألف مدني. وبعدها أعلن إقليم صومالي لاند الاستقلال عام 1991 عن الدولة الأم، الصومال. ولم تعترف به حتى الآن أي دولة إلا إثيوبيا منذ عدة شهور، عندما كانت تطمح أن يكون لها مخرج على الخليج ومدخل للبحر الأحمر بدلًا من جيبوتي، حيث كانت تطمع في استخدام ميناء بربرة في صومالي لاند.

 

وتبلغ مساحة صومالي لاند حوالي 160 ألف كم²، وعدد سكانها حوالي 6 مليون نسمة. عاصمتها وأكبر مدنها هرجيسا، وأهم موانيها بربرة. ويرأس البلاد عبد الرحمن محمد عبد الله. وفي الأسبوع الماضي فوجئ العالم بأن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، قرر الاعتراف بجمهورية أرض الصومال (صومالي لاند) كدولة مستقلة ذات سيادة، حيث وقع نتنياهو ورئيس صومالي لاند محمد عبد الله هذا الإعلان المشترك.

 

والواقع أنه رغم المفاجأة إلا أنها لم تكن صادمة، لأن رئيس صومالي لاند كان قد قام بزيارة لإسرائيل في أكتوبر الماضي بدعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث تم الاتفاق على إعلان اعتراف إسرائيل بدولة صومالي لاند في آخر العام.

 

وعلى الفور أعلنت أربع دول هي مصر والصومال وتركيا وجيبوتي رفضهم التام لاعتراف إسرائيل بما يسمى جمهورية أرض الصومال (صومالي لاند). وشدد وزراء خارجية الدول الأربعة على دعمهم الكامل لوحدة وسلامة أراضي جمهورية الصومال، والرفض الكامل لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بسيادة الدولة الصومالية.

 

على الجانب الآخر، جاء إعلان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن إدانة المجلس لقرار إسرائيل بالاعتراف بما يسمى إقليم أرض الصومال (صومالي لاند)، لأن ذلك يعد تجاوزًا للقانون الدولي ويهدد الأمن الإفريقي. كذلك أعلنت منظمة التعاون الإسلامي رفضها لهذا الإجراء الإسرائيلي، وأكد الاتحاد الإفريقي على وحدة الصومال. كما أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية رفضه لاعتراف إسرائيل بالإقليم، حيث طلبت الصومال من الجامعة العربية عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية كما جاء إعلام منظمة الإيجاد الإفريقية برفضها القاطع لهذا الإعلان، بينما جاء تعليق وزارة الخارجية السعودية بأن المملكة تؤيد وتدعم بشكل كامل سيادة جمهورية الصومال ووحدتها.

 

أما الولايات المتحدة، فقد صرحت بأنها لن تعترف بأرض الصومال (صومالي لاند) كدولة مستقلة، حسب ما ذكرته صحيفة نيويورك بوست. وكانت صومالي لاند قد صرحت في الفترة السابقة بإمكانية منح الولايات المتحدة قاعدة عسكرية داخل أراضيها، بالإضافة إلى صفقات تتعلق بالمعادن الاستراتيجية، مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة ذات سيادة.

 

ويهدف اعتراف إسرائيل بإقليم صومالي لاند إلى أن يكون لإسرائيل موطئ قدم في منطقة القرن الإفريقي. ومن المتوقع بعد ذلك أن تقدم إسرائيل معونات اقتصادية للإقليم، يتبعها معونات عسكرية، ثم يجيء الطلب بتواجد عسكري دائم يمكن أن يكون قاعدة عسكرية في ميناء بربرة، المطل على خليج عدن وباب المندب، المدخل إلى البحر الأحمر وقناة السويس. كما تأمل إسرائيل أن تستغل إقليم صومالي لاند في مخطط تهجير أبناء غزة إلى هذه المنطقة، رغم أن مصر أعلنت مرارًا أن تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم هو خط أحمر.

 

أما عن توقيت اختيار هذا القرار الآن، فيرجع إلى أن نتنياهو سيدخل الانتخابات بعد أشهر قليلة، ويريد أن يثبت للشارع الإسرائيلي أنه يفكر في أمن إسرائيل وأمانها عبر تواجدها العسكري في القرن الإفريقي. كما يسعى لإشغال الرأي العام العالمي عن تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق السلام الذي تم توقيعه في شرم الشيخ، خصوصًا بعد تسليم حماس 20 رهينة وباقي الجثامين عدا جثمان واحد.

 

ويعتبر هذا الإجراء الإسرائيلي في منطقة القرن الإفريقي تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة إذا تم بناء أي قواعد عسكرية في صومالي لاند. مع العلم أن جيبوتي، جارتها، لديها بالفعل خمس قواعد عسكرية للولايات المتحدة والصين واليابان وإيطاليا وفرنسا، وهذه القواعد كافية لتأمين منطقة باب المندب ومنطقة القرن الإفريقي، أحد أهم الممرات الاقتصادية في العالم.

 

ومن المعروف أن مصر سوف ترسل قوات عسكرية إلى الصومال بناءً على طلب الصومال ودعوة من مجلس التعاون الإفريقي، ضمن بعثة إفريقية لحفظ السلام وتقدر قوتها بحوالي 5000 جندي مصري من ضمن 10,000 جندي هي بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال. ولقد اعتمد مجلس الأمن الدولي قرار عمل هذه القوة الإفريقية التي سوف تعمل اعتبارًا من 1 يناير 2026 لمدة 12 شهرًا، بهدف دعم استقرار الصومال في مكافحة حركة الشباب الإرهابية التي بدأت عملياتها في الصومال منذ 12 عامًا. وتأتي هذه القوات الإفريقية الجديدة خلفًا لبعثة الاتحاد الإفريقي السابقة، التي سوف تنتهي ولايتها في الصومال بنهاية عام 2024.

 

لذلك فإن هذا الاعتراف الإسرائيلي سوف تكون له تداعيات على أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي في الفترة القادمة وسيشهد تحركًا دبلوماسيًا مصريًا على أعلى مستوى لاحتواء هذا القرار، الذي يؤثر مباشرة على الأمن القومي المصري والعربي والإفريقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock