فن وثقافة

الاديب السفاح …بقلم/ سيف محمد كامل

جريدة الصوت

كتبها لكم /سيف محمد كامل
الفصل الثاني: جریمة تحت الضوء
بدأت الجريمة الأولى تحت الضوء و
كان صباح القاھرة قد بدأ یتسلل عبر النوافذ، لكن الضوء كان خافتًا، یغطیه ضباب كثیف من الھمسات والتكھنات التي تجوب المدینة صباح
جدید یعني المزید من الأخبار، والمزید من الشكوك، والمزید من الضحایا المحتملین.
كان المحقق رائد یمر بتقلبات نفسیة غریبة لم یكن
یعرف ما إذا كان القلق یزداد بسبب تقدم التحقیق أو بسبب الأسئلة التي بدأت تثار في عقله عن ھویة القاتل.
في قسم الشرطة، حیث كانت ھواتف الطوارئ ترن بلا توقف، كان كریم
یدخل بملف جدید ھذا الملف مختلف عن الملفات السابقة، كان الوجه في الصورة الفوتوغرافیة غیر مألوف بالنسبة لھما،
“ھذه الضحیة الثانیة عشرة”، قال كریم بلھجة ثقیلة، وھو یضع الملف أمام رائد، “لكن ھذه المرة… ھناك شيء مختلف.”
رائد نظر إلى الصورة على عجل، كان الجثة لامرأة في الأربعینات،ترتدي ملابس أنیقة ووجھھا یحمل ملامح من التوتر والدھشة “ھل یمكن أن یكون القاتل قد اختار ھذه الضحیة بناء على شيء ما؟”
“أعتقد أنه قد یكون كذلك” رد كریم، وھو یمرر یده على أوراق الملف؛
“عندما قمنا بمراجعة الأدلة، وجدنا شيء غریب كانت المرأة ھذه قد تركت دفتر ملاحظات بجانبھا، وكان یحتوي على نصوص أدبية
نظر رائد إلى كریم بدھشة ” نصوص أدبية ؟ كیف؟”
“نعم، كانت ھناك مقتطفات من روایة الجریمة والعقاب، وكأن القاتل كان یرید أن یرسل رسالة” قال كریم، وھو یتنقل بین الصفحات، “المثیر للدھشة ھو أن ھذه المرة، ترك القاتل رسالة شخصیة للضحیة عبارة غریبة جدًا كانت مكتوبة على دفتر ملاحظاتھا: ‘القتل ھو جزء من العدل، والعدالة لا تأتي إلا من خلال الألم
تجمد رائد في مكانه. ھذه العبارة كانت مألوفة كانت فلسفة قدیمة، وكان القاتل لا شك قد أخذھا من أدب الجریمة الذي كان یستلھم منه طریقة قتله ،”یبدو أن القاتل قد أصبح أكثر تطورًا.
ھذه المرة یتحدث عن العدالة كما في روایة الجریمة والعقاب.”
ألقى رائد نظرة على تفاصیل الجریمة، وحاول التركیز على الحقائقالملموسة التي یمكن أن تفسر ھذا التطور.
الضحیة كانت تعمل كمدیرة في أحد البنوك الكبرى في القاھرة.
كانت حیاتھا ملیئة بالرفاھیة، لكن كانت ھناك إشارات على أنھا كانت تلاحق شیئًا غریبًا، ربما شكوك حول جریمة سابقة، أو ربما شيء أعمق.
رائد كان یعرف أن القاتل لا یختار ضحایاه بشكل عشوائي، بل كان ھناك خطة مدروسة وراء
كل جریمة، وھي تمثل جزءًا من “قصة”أكبر.
كان القاتل یستخدم الأدب كأداة لتعمیق جریمة القتل، بل ربما كان یُعتقد أن القتل نفسه ھو جزء من “قصة” أدبیة أكبر، لذلك، كان یجب على رائد أن یجد طریقة لفھم ھذا المنطق المجنون.
“القاتل أصبح أكثر تعقیدًا، أكثر تمردًا.”
ھمس رائد لنفسه، وھو یفكر فيما یجب أن یفعله بعد ذلك.
إذا كان القاتل یترك رسائل في الأدب ویختار ضحایاه على أساس أفكار معینة، فكیف یمكن أن یضع یده على ھذا الشخص؟ أین سیقتل الضحیة التالیة؟ وما ھي الرسالة التي سیتركھا؟”یجب أن نعمل بسرعة”، قال رائد وھو یقف ببطء.
“یجب أن نعرف أین سیضرب القاتل مرة أخرى، ولابد أن نبحث في الأدب الذي یقتبسه،
إذا كانت ھذه ھي رسالته، ربما تكون ھي المفتاح.”
أخذ رائد نفسًا عمیقًا، ثم نظر إلى كریم الذي كان یراقب بحذر،
“أرسل رسالة لجمیع الفرق لا أحد یغادر مكتبه حتى نكتشف جمیع النقاط المفقودة، على الأرجح سنجد في أدب الجریمة شیئًا قد یساعدنا في فك شیفرة القاتل.”
في تلك اللحظة، كان یعي أن ھذا التحقیق قد أصبح أكبر من مجرد
جریمة قتل عادیة كانت الجریمة نفسھا تتحول إلى لعبة عقلیة بینھ وبین القاتل، لعبة كان الأدب ھو ملعبھا، وكانت الرسائل الفلسفیة تملأ الجو حولھم،
كان المحقق رائد یعلم أن القاتل كان لا یزال في الظلال، یراقبھم بعنایة، ینتظر اللحظة المثالیة لیظھر مرة أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock