فن وثقافة

ظلال الدم ..الفصل الأخير 

جريدة الصوت

كتبها لكم /سيف محمد كامل 

الفصل الأخير: النهاية التي لا مفر منها

الأرض كانت مغطاة بالدماء ليس دماء الضحايا فقط، بل دماء الأمل كان المكان نفسه يصرخ بصمت، مع كل زاوية وكل جدار يشهد على لحظات من المعاناة لا تُحصى.

الأنوار الخافتة التي كانت تومض بين الحين والآخر، كأنها تحاول الهمس بشيء، ولكنها تُخمد مرة أخرى في ظلمة القاعة القاتمة،

آدم كان يجلس على الأرض، عينيه فارغتين نظراته كانت غارقة في فراغ لا يعرف له نهاية، فقد عاصر الكثير من الأشياء التي لا يمكن لأي إنسان أن يتخيلها.

 

ألمه كان صامتًا، ولكن في داخله كان يصرخ. إيلا كانت تجلس بالقرب منه، عيناها لا تُفارق جدران الغرفة المتهالكة.

 

كان كل شيء يصرخ بالصمت، ما عدا صوت تنفسهم الخافت الذي يعكس حالة من الإحباط.

 

كان المفترس يقف في الزاوية البعيدة، ينظر إليهم بعينيها لمتقدتين.

 

كان وجوده أشبه بكابوس لا يمكن الهروب منه لم يتحدث، ولم يفعل شيئًا سوى أن يراقبهم كما لو كان يدرسهم، يراقب انهيارهم الروحي ببطء، يضحك في سره.

 

آدم كان يحاول مجددًا أن يملأ الفراغ بالكلمات، كما لو أن الكلمات يمكن أن تُنقذه أو تخفف من وطأة هذا الجحيم كان يختلق القصص، يحاول التمسك بأي فكرة، أي ذكرى قد تعيده إلى الحياة.

 

ولكنه كان يعلم في قرارة نفسه أن كل هذا عبث. لا شيء سيغير ما هو قادم.

 

آدم: “إذا أخبرتك أنني قد فهمت أخيرًا… هل تصدقينني؟”

إيلا نظرت إليه، ثم ابتسمت ابتسامة مُرهقة، التي بالكاد تكون ابتسامة، لكن لا شيء في ملامحها كان يشير إلى الفرح.

 

إيلا: “ما الذي فهمته؟”

آدم: “أننا لا نملك خيارًا، نحن هنا لأننا نستحق أن نكون هنا.”

 

الكلمات كانت تقطر حزنًا، وكان يشعر بذلك كأنه يقبل الواقع الذي كان يحاول تجنبه لم يعد هناك مجال للهروب أو المقاومة.. انتهى كل الأمل؛ المفترس اقترب منهما بخطوات ثقيلة، وكل خطوة كانت تشعر وكأنها تقترب من النهاية.

 

المفترس: “هل فكرتم يومًا في أنكم لن تخرجوا من هنا أحياء؟”

 

آدم رفع رأسه ببطء، وكأن تلك الكلمات كانت كالسهم الذي اخترق قلبه، ولكن لا شيء في ملامحه كان يشير إلى خوف كان هناك شعور بالاستسلام شعور بأن الحياة قد نفدت منه، وأن هذا الجحيم هو المكان الوحيد الذي يستحقه.

 

آدم: “نعم… لكننا الآن نبحث فقط عن لحظة… لحظة تظل في الذاكرة.”

 

ضحك المفترس، وكان ضحكه خاليًا من الرحمة، ليس سخرية بل نوع من اللامبالاة الوجودية.

 

المفترس: “لحظة؟ لا وجود للحظات هنا… لأننا انتهينا من تلك الرفاهيات.”

 

إيلا كانت تجلس بجانبه، وكأنها تتأمل في اللحظة التي ستصل فيها النهاية فكرت في كل

اللحظات التي عاشتها قبل أن تكون هنا، في أحلامها وأمالها، في أحزانها، في الألم الذي قادها إلى هنا لكنها الآن لم تعد تشعر بشيء.

 

العالم كان مجرد صفحة فارغة في كتاب لا يمكن قراءته

إيلا: “إذا كانت هذه هي النهاية، فلتكن نهاية تامة… فلن نركع بعد الآن.”

 

لكن لم يكن هناك وقت للمزيد من الكلمات كان المفترس قد اقترب منهما أكثر، وعيناه تبرقان كما لو أنهما يعكسان شيئًا أعمق من مجرد شر شيئًا يعرفه فقط هو.

 

في لحظة، شعر آدم بشيء غريب كان يدرك أن هذا هو المشهد الأخير أن هذا هو المكان الذي سينتهي فيه كل شيء لا فرار لا خلاص.

 

فجأة، شعر بشيء يثقل صدره كانت يد المفترس قد لامست عنقه تلك اليد التي تمثل النهاية، كانت قريبة جدًا كانت باردة جدًا لكنها كانت مليئة بالقوة، كأنها ستسحب روحه إلى الهاوية التي انتظرته منذ البداية.

 

لكن ما فاجأه كان شيئًا آخر إيلا سحبت نفسها بسرعة، محاولة اقتناص لحظة أخيرة من الهروب، لكن السلسلة المربوطة حول عنقها كانت قد خنقتها حتى الآن.

 

حتى قبل أن تشعر بحقيقة الخوف، كانت قد فارقت الحياة في صمت.

 

لحظة الخوف لم تكن أبدًا كافية لتغير النهاية.

آدم كان ينظر إلى جسدها المسجى على الأرض، وقد غلفه الظلام بسرعة المفترس كان واقفًا بالقرب منه، ينظر له في صمت.

 

المفترس: “لم تكن لديكِ فرصة أما أنت، آدم… كنت أكثر شجاعة مما ينبغي.”

 

لكن آدم لم يعد يستطيع سماع الكلمات كانت الأصوات تتلاشى، والعالم أصبح مثل شاشة تلفاز مشوشة كان يشعر بثقل الموت يقترب منه ببطء، لكن لم يكن هناك من يهتم

وفي النهاية، مع اللحظة الأخيرة من حياته، ابتسم.

 

كانت ابتسامة مليئة بالتشاؤم، لكنها تحمل في طياتها نوعًا من الاستسلام فقد عرف الآن، أن الموت هو النهاية الوحيدة التي يستحقها كان هذا هو قدره قدره المظلم الذي لا مفر منه.

 

“أحيانًا… كل شيء يصبح عاديًا عندما يتوقف الزمن عن الجري.”

 

ثم انتشرت الظلمة، فاختفى كل شيء

النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock