فن وثقافة

أحمد عصام.. مبدع الإبهار المصري الذي خطف أنظار العالم في افتتاح المتحف الكبير

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

لم تكن ليلة افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد احتفالية عابرة، بل كانت لحظة من لحظات التاريخ التي امتزج فيها الفن بالتكنولوجيا، والخيال بالحقيقة، والإبداع بالمجد. وفي قلب هذا المشهد الأسطوري، وقف أحمد عصام، بعقله وفنه وجرأته، ليعيد تعريف معنى العرض البصري، وليؤكد أن مصر لا تزال قادرة على إبهار العالم كما كانت منذ آلاف السنين.

منذ اللحظة الأولى لانطلاق العرض، شعر الجميع أن ما يشاهدونه ليس مجرد ألعاب نارية تقليدية، بل عمل فني متكامل يحمل توقيع مبدع يعرف كيف يُحدث الدهشة وكيف يروي الحكاية بالضوء والنار. الشرارة الأولى التي انطلقت في السماء حملت معها رسالة فخر، أما التتابع البصري المذهل الذي أعقبها، فكان سيمفونية من النور والموسيقى والحركة، تُروى بعيون المصريين وتُحكى بلغتهم إلى كل شعوب الأرض. لقد جعل أحمد عصام من افتتاح المتحف المصري الكبير حدثًا بصريًا لا يُنسى، وواحدًا من أضخم عروض الإبهار التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث.

لكن وراء هذا الإنجاز العظيم رحلة طويلة مليئة بالتعب والإصرار. فمنذ سنواته الأولى، كان أحمد مفتونًا بكل ما يلمع ويتحرك في السماء.

بدأ من تجارب بسيطة، يصنعها بنفسه بدافع الفضول والحب، إلى أن تحولت تلك التجارب إلى شغف حقيقي. ومع كل عرض جديد، كان يطور أدواته، يدرس، يسافر، ويبحث عن كل تفصيلة يمكن أن تجعله مختلفًا.

لم يكن النجاح عنده هدفًا عابرًا، بل التميز هو الغاية التي يسعى إليها، لذلك لم يقف عند حدود المفرقعات أو الألعاب النارية، بل دمج بين المؤثرات الضوئية والموسيقية والرقمية ليصنع عالماً بصريًا يُشبه الخيال.

في عروضه، لا يكتفي أحمد عصام بإبهار العين، بل يسعى إلى لمس القلب والعقل معًا. فكل ومضة من أعماله تحكي قصة، وكل لحظة لها معنى ورسالة. هو فنان يؤمن أن الفن الحقيقي لا يُرى فقط، بل يُشعر ويُعاش.

لذلك كانت عروضه دائمًا تحمل روح مصر في كل تفاصيلها، حتى وإن بدت عالمية في تقنياتها.

سواء في احتفالات كبرى، أو في مهرجانات دولية، أو في لحظات وطنية خالدة، يظل أحمد عصام هو الصوت البصري الذي يعبر عن هوية المصريين المبدعة.

ولعل سر عبقريته يكمن في هذا المزج النادر بين الأصالة والحداثة. فهو لا يستنسخ ما يُعرض في الخارج، بل يصنع ما ينافسه ويتفوق عليه.

يتعامل مع النور كما يتعامل الرسام مع الألوان، ومع الموسيقى كما يتعامل المخرج مع الصورة.

كل شيء عنده محسوب ومدروس بدقة متناهية، وكأن كل عرض بمثابة فيلم ضوئي يروى في السماء، لا يقبل الخطأ ولا يترك مجالًا للارتجال.

وفي ليلة افتتاح المتحف المصري الكبير، كان كل شيء مثاليًا. الإضاءة، التوقيت، الموسيقى، تفاعل الجمهور، كل عنصر جاء ليؤكد أن ما يحدث أمام أعين العالم ليس مجرد عرض، بل ملحمة من الإبداع المصري. آلاف الحضور وقفوا مدهوشين أمام المشهد، وملايين عبر الشاشات تابعوا تلك اللحظة التي تُوج فيها اسم أحمد عصام عالميًا، بعدما وصفت وكالات الأنباء العالمية الحدث بأنه “عرض أسطوري صنعته عبقرية مصرية بروح فرعونية”.

ورغم كل هذا النجاح، ما زال أحمد عصام يرى أن القادم أعظم. فالرجل الذي حمل اسم مصر إلى سماء الإبهار لا يعرف التوقف، بل يخطط دومًا لما هو أكثر جرأة وابتكارًا. يرى أن كل عرض هو خطوة جديدة في رحلة طويلة هدفها النهائي أن يجعل من الفن الناري والتقني المصري مدرسة عالمية يُشار إليها بالبنان.

وفي النهاية، يمكن القول إن أحمد عصام لم يكن مجرد فنان نفذ عرضًا ناجحًا، بل مبدع أعاد تعريف حدود الخيال نفسه. هو دليل حي على أن الموهبة حين تمتزج بالإصرار والحب تصبح قادرة على تحريك الجبال وإضاءة السماء. أحمد عصام هو الساحر الذي أضاء المتحف الكبير، لكنه في الحقيقة أضاء قلوبنا جميعًا، وأثبت للعالم أن المصري حين يبدع، فإن النور نفسه يتحدث بلهجته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock