دين ومجتمع

أضرار الإنحراف الفكري

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” فيا عباد الله إن الحديث عن أعمال البغي والفساد في الأرض من تفجيرات وإطلاق للنار وإستهانة بالأرواح وإتلاف للممتلكات وترويع للآمنين وما يسبقها من إنحراف فكري، أوفكر تكفيري فإن الحديث عن هذه الأعمال والأفكار، حديث عن فتنة عمياء.

 

فتنت بها طائفة شاذة من شبابنا وأبنائنا وللأسف، ولئن كانت هذه الفتنة قد خبت نارها مؤخرا برهة من الزمن، فإنها لا تزال موجودة كما وقع هذا الأسبوع في جدة، مما يوجب التحذير منها وبيان الواجب تجاهها، وإن كل غيور يتساءل أمام هذه الفتنة إلى متى هذا النزيف؟ إلى متى سيظل الجرح يثعب دما طاهرا بريئا، معصوما محرما؟ وإنه على الرغم من الجهود الجبارة التي يقوم بها رجال الأمن وفقهم الله في التصدي لهذا الفكر الضال وأعمالِه الإفسادية التي أضرت بالدنيا والدين، إلا أننا نقول الأمن مسؤولية الجميع وإن من العار أن يقف الواحد منا مكتوف اليد، وكأن الأمر لا يعنيه، والخطر لا يهمه، ولسان حاله يقول إن للبيت ربا يحميه، وإن أجهزة الأمن هي المسؤولة فقط، وإن الإبلاغ عن كل ما يريب ومناصحة كل أخ أو قريب، أمانة في عنق كل مسلم.

 

وأن الإنكار على كل فكرة باطلة أو قول منحرف، ليس من قبيل الترف الدعوي أو التزلف السلطاني كما يتوهم البعض، بل هو من فروض الأعيان على كل قادر من طلبة العلم والدعاة والمربين، وإذا كانت النار قد أحرقت في السابق طرفا من ثيابنا، فإننا والله نخشى إن تخاذلنا أن تأتي على البقية الباقية منها، وإنه حق على رُبان السفينة من ولاة الأمر، وحق على غيرهم من رجال الأمن ورجال التربية وقادة الفكر، أن لا يفتروا عن التصدي لهذه الظواهر، فالمسلمون نصحة، ومن جمل الإيمان ان يحب المرء لأخيه ما يحبه لنفسه، وينبغي أن تحفظ طاقات الشباب وتوجه ملكاتهم فيما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، فإن لوحة الأمن الجميلة التي نعيشها، نرسمها نحن بأيدينا ونصنعها بأنفسنا بعد توفيق الله عز وجل حينما نتخلق بالوعي، ونستشعر عظم هذه النعمة وخطورة فقدها.

 

وكما أن لوحة الأمن نصنعها حينما نتعامل مع الواقع بميزان الشرع والعقل بعيدا عن الأهواء والعواطف والرغبات الشخصية، وكما أن لوحة الأمن نصنعها حينما نحفظ حدود الله ونتقي محارم الله، ونشكر نعم الله حيث يقول تعالي ” وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، فمن اتقى ربه رشد، ومن أعرض عن مولاه عاش في كمد، حيث يقول تعالي ” ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ” فإن الأمن نعمة جليلة ومنة كبيرة من الله عز وجل وهذه النعمة هي مطلب كل أمة وغاية كل دولة ومن أجلها جندت الجنود، ورصدت الأموال وفي سبيلها قامت الصراعات

والحروب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock