الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيما وثناء، المتصف بصفات الكمال عزة وكبرياء، الحمد لله الواحد بلا شريك القوي بلا نصير، العزيز بلا ظهير الذي رفع منازل الشهداء في دار البقاء وحث عباده على البذل والفداء، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمة الكرام النجباء وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن من أهم الأخلاق والصفات التي ينبغي لمعلم التربية الإسلامية أن يتصف بها هو التواضع فما أجمل هذا الخلق الحميد والصفة العالية الذي تضفي على صاحبه إجلالا ومهابة، ومعلم التربية الإسلامية في أمس الحاجة، إلى التخلق بهذا الخلق العظيم.
لما فيه من تحقيق الإقتداء بسيد المرسلين، ولما فيه من الرفعة له لما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عيه وسلم قال “ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ” رواه مسلم، ولهذا كان حاجة المعلم إلى التواضع مطلوبة وهي سمه لابد من توفرها في المعلم، لأن عمله التوجيهي يقتضي الإتصال بالطلاب والقرب منهم حتى لا يجدوا حرجا في سؤاله، ولأن النفوس لا تستريح لمتكبر أو مغتر بعمله، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد ” رواه مسلم، وقوله تعالى ” واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ” وأن يكون رحيما بطلابه من غير ضعف مع قوة في الشخصية من غير صلف أو إنفعال أو ظلم.
أو جرح لشعور الآخرين، ومن أضرار التكبر وعدم التواضع الذي قد يصيب بعض المعلمين جحوده للحق وعدم الخضوع له، والغرور بما لديه من علم وخبره، وعدم وصوله إلى أهداف عمله، وكما أن من أهم الأخلاق والصفات التي ينبغي لمعلم التربية الإسلامية أن يتصف بها هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والحميدة لا شك أن الكلمة الطيبة والعبارة الحسنة تفعل أثرها في النفوس وتؤلف القلوب وتذهب الضغائن والأحقاد من الصدور، ولهذا كان التعبيرات التي تظهر على وجه المعلم تحدث مردودا إيجابيا أو سلبيا لدى المعلم، وذلك لأن إنبساط الوجه وطلاقته مما تأنس به النفس وترتاح إليه، وخلاف ذلك مما تنفر منه النفوس وتنكره، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أطيب الناس روحا ونفسا، وكان أعظمهم خلقا يقول الله تعالى عن خلق أشرف الأنبياء والمرسلين.
” وإنك لعلي خلق عظيم ” ولم يكن فظا غليظا حاد الطباع بل كان سهلا سمحا لينا رءوفا بأمته كما قال تعالى ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ” وكما أن من أهم الأخلاق والصفات التي ينبغي لمعلم التربية الإسلامية أن يتصف بها هو العدل والمساواة حيث أن من الصفات التي أن يتصف بها معلم التربية الإسلامية أن يتحلى بهذه الصفتين، قال تعالى “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتآي ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي لعلكم تذكرون ” فالعدل الذي أمر الله به، يشمل العدل في معاملة الخلق والقيام بالقسط، وهو مطلب من مطالب الحياة السليمة، ويتأكد العدل في عمل المعلم في تقويميه للأقوال والأعمال التي يسمعها أو يشاهدها، فلا مجال لمحاباة أحد، أو تفضيل أحد على أحد سواء لقرابته أو معرفته.
أو لأي أمر كان، فإن هذا من الظلم الذي لا يرضاه الله وصاحبه متوعد بالعقوبة، وإختلال هذا الميزان عند المعلم، أي وجود التميز بين الطلاب، كفيل بان يخلق التوتر وعدم الإنسجام والعداوة والبغضاء بين المعلم والطلاب، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.