بقلم/هاني محمد علي عبد اللطيف
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله يقول الله تعالى في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
سئل عبد الله بن المبارك عن بدء زهده فقال كنت يوما مع إخواني في بستان لنا وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفواكه فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا وكنت مولعا بضرب العود والطنبور فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له راشين السحر وأراد سنان يغني وطائر يصيح فوق رأسي على شجرة والعود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان – يعني العود الذي بيده ويقول ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق قلت بلى والله وكسرت العود وصرفت من كان عندي فكان هذا أول زهدي وتشميري . وبلغنا عن الشعر الذي أراد ابن المبارك أن يضرب به العود
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
ألم يحن الوقت للذين صدَّقوا الله ورسوله واتَّبَعوا هديه أن تلين قلوبهم عند ذكر الله وسماع القرآن ولا يكونوا فيه قسوة القلوب
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربها والاستكانة لعظمته فعاتب الله المؤمنين فقال ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ )أي ألم يجئ الوقت الذي تلين به قلوبهم وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن، وتنقاد لأوامره وما نزل من الحق الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى ولما أنزله من الكتاب والحكمة وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية والأحكام الشرعية كل وقت، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك ( وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ) أي: ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التام، ثم لم يدوموا عليه ولا ثبتوا، بل طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة، فاضمحل إيمانهم وزال إيقانهم ( فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) فالقلوب تحتاج في كل وقت إلى أن تذكر بما أنزل له الله وتناطق بالحكمة ولا ينبغي الغفله عن ذكر الله فإن ذلك سبب لقسوة القلب وجمود العين أنا الأوان أن نرجع إلى الله أنا الأوان أن نتوب إلي الله أنا الأوان أن لا نجعل الله أهون الناظرين إلينا ونعصي الله في الخفاء ونجعله أهون الناظرين إلينا أنا الأوان أن نتوب إلي الله فالموت يأتي بغته فهل استعديت للقاء الله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم يرزقنا جميعا حسن الخاتمة