اتسعت الفجوة بيننا وبين الغرب في العلم والأخلاق والمعرفة، وأصبحنا لا نفكر ولا نبدع، كأن الله اعطانا عقول لننساق بها مثل القطيع خلف كل جديد يطرحه الغرب، وأصبحنا نلهث وراء تكنولوجياتهم، وبدلا من تطويرها او خلق خط متوازي لإنتاج منافس لها من الصناعات العربية، ادمنا التقليد الاعمى في كل شيء دون تفكير او تميز او انفراد في شيء ممكن ان ينسب إلينا يوماً ما، حتى اصبحنا لا نستحق مقولة العالم الثالث التي اطلقها علينا الغرب، بل اصبحنا العالم الرابع والخامس، بعد ان هَمشنا نفسنا في كل شيء، ونظر الجميع إلينا بأننا مهمشين لا عزيمة لنا ولا مبدأ، نصدق كل ما يبث الينا من الغرب ونثق به، في الوقت الذي نُخون فيه بعضنا البعض، الى أن فقدنا الثقة بأنفسنا وبكل من حولنا.
لقد أهملنا الوقت، وعرف الغرب قيمته الغالية فتقدم علينا وسبقنا بمراحل طويل، لان الوقت هو الحياة، فهما وجهان لعملة واحدة، فما الايام إلا صفحات تقلب في حياتنا، وما الساعات في تلك الأيام إلا كالأسطر في صفحاتها التي سرعان ما تختم الصفحة لننتقل إلى صفحة أخرى… وهكذا تباعًا حتى تنتهي صفحات كتاب العمر.. وبقدر ما نحسن تقليب صفحات أيامنا، لابد أن نحسن الاستفادة من كتاب حياتنا.. وبقدر استغلالنا لأوقاتنا لتحقيق الذات، يجب أن نعيش حياة كاملة غير منقوصة.
ولا شك أن إدراك الإنسان لقيمة وقته ليس إلا إدراكًا لوجوده وإنسانيته ووظيفته في هذه الحياة الدنيا، وهذا لا يتحقق إلا باستشعاره للغاية التي من أجلها خلــقه الله عــز وجل وإدراكه لها، لذلك كان الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو كنزه، ورأس ماله الحقيقي في هذه الدنيا، فالوقت هو وعاء كل شيء يمارسه الإنسان في حياته.
وتكمن المشكلة بأننا أهملنا الوقت وأهدرنا قيمته، واصبحنا نتكلم اكثر مما نفعل، اما الناجحون من الغرب يعملون دون ان يتكلمون، انشغلنا بالغيبة والنميمة كلٌ منا على الأخر، وتقاتلنا على خطف الأرزاق، ونسينا او تناسينا قول المولى عز وجل “ورزقكم في السماء وما توعدون” وضاعت الاخلاق فيما بيننا، فلابد ان تكون لنا وقفة صادقة مع انفسنا، فإذا غاب عنا العلم والتطور، فلا يجوز ان نفقد ما تبقى لنا من الاخلاق والقيم والمبادئ، لان الاخلاق تَبني ولا تهدم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “انما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق، فبالأخلاق تنهض الامم وتملك كل شيء.
ما زال هناك امل في تغيير من حولنا للأفضل، ما دمنا نحافظ على مبادئنا، نستطيع ان نلحق بركب التقدم والازدهار، الذي تخلفنا عنه عقود كثيرة، بسبب الجهل والمرض والكسل، الذي اُوصلنا له حُكامنا السابقين، ونحن من ساعدناهم على ذلك، بصمتنا الرهيب ورأينا المتخاذل وأيدينا المرتعشة وتفرقنا في الرأي والمشورة.
“قالوا لفرعون ايه فرعنك .. قال لم اجد حد يردني”
وعلى المحبة نلتقي،،
• عادل سعـد عبيد
• رئيس مجلسي الإدارة والتحرير