
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد ذكرت المصادر التربوية والتعليمية الكثير عن التطبيقات الفقهية للعناية بالبيئة وفيه مطلبان، فالمطلب الأول ما يتعلق بالصحة العامة والأضرار الخاصة، والمطلب الثاني هو ما يتعلق بالأضرار البيئية، وتجلى إهتمام الفقهاء بالبيئة على المستويين النظري والتطبيقي، وكان هناك مثال علي الحفاظ علي البيئة، وضرب المثال علي الخبازين، حيث ينبغي أن ترفع سقائف محلاتهم وتفتح أبوابها ويجعل في سقوف الأفران منافس، واسعة يخرج منها الدخان، لئلا يتضرر بذلك الناس، وإذا فرغ الخباز من إحمائه، مسح داخل التنور بخرقة نظيفة، ثم شرع في الخبز.
ويكتب المراقب في دفتره أسماء الخبازين ومواضع محلاتهم وهي الطابونة، فإن الحاجة تدعوه إلى معرفتهم، ويأمرهم بنظافة أوعية الماء وتغطيتها، وغسل المعاجن ونظافتها، وما يغطى به الخبز، وما يحمل عليه، ولا يعجن العجان بقدميه ولا بركبتيه ولا بمرفقيه لأن في ذلك مهانة للطعام، وربما قطر في العجين شيء من عرق إبطيه وبدنه فلا يعجن إلا وعليه ما يغطي جسدة وكذلك ربما عطس أو تكلم، فقطر شيء من بصاقه أو مخاطه في العجين، ويشد على جبينه عصابة بيضاء، لئلا يعرق فيقطر منه شيء في العجين، ويحلق شعره لئلا يسقط منه شيء في العجين، وإذا عجن في النهار فليكن عنده إنسان في يده شيء يطرد عنه الذباب، وهذا كله بعد نخل الدقيق بالمناخل السفيقة مرارا، وكذلك المثال علي الطباخين، حيث يؤمرون بتغطية أوانيهم، وحفظها من الذباب.
وهوام الأرض بعد غسلها بالماء الحار، وألا يطبخوا لحوم الماعز مع لحوم الضأن ولا لحوم الإبل مع لحوم البقر، حتي لا تنقل المرض فتكون سببا لنكسه ويعد المراقب عليهم كثرة الإدام وقلة اللحم، فإن أكثرهم يسلون الدهن، ويفرغونه في القدر، فيطفو على وجه الطعام، فيغتر به الناس ويظنون كثرة اللحم، وكذلك الجزارين والقصاصين، يستحب أن يكون الجزار مسلما بالغا عاقلا، ويذكر اسم الله على الذبيحة، وأن يستقبل القبلة وأن ينحر الإبل معقولة ويذبح البقر، والغنم مضطجعة على الجانب الأيسر فجميع ذلك وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجر الشاة برجلها جرا عنيفا، ولا يذبح بسكين كالة لأن ذلك تعذيب للحيوان، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الحيوان.
ويلزمه في الذبح أن يقطع الودجين والمريء والحلقوم، ولا يشرع في السلخ بعد الذبح حتى تبرد الشاة، ويخرج منها الروح لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر مناديا ينادي في المدينة، لا تسلخ شاة مذبوحة حتى تبرد، وأما القصابون فيمنعهم المراقب من إخراج توالي اللحم من حد مصاطب حوانيتهم، بل تكون متمكنة في الدخول عند حد المصطبة والركنين، لئلا تلاصقها ثياب الناس فيتضررون بها ويأمرهم أن يفردوا لحوم المعز عن لحوم الضأن، ولا يخلطوا بعضها ببعض، وينقطوا لحوم المعز بالزعفران، لتتميز عن غيرها، وتكون أذناب المعز معلقة على لحوكها إلى آخر البيع ويعرف لحم المعز ببياض شحمه، ودقة ضلعه ولا يخلطون لحوم المعز بشحوم الضأن، ولا اللحم السمين باللحم الهزيل، ويعرف شحم المعز ببياضه، وصفائه، وشحم الضأن بعلو صفرته.


