دين ومجتمع

إكرام الإنسان والنهوض به وتحقيق رقيه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، ” وإنك لعلي خلق عظيم” أما بعد إن أعظم درجات معرفة النفس هي معرفة الإنسان لدوره في الحياة، ودور الإنسان يتلخص في شطرين، هما حق الله تعالى وحق العباد، فأما حق الله تعالى فلعل من أفضل ما يذكر في هذا الباب هو ما كان يفعله العالم المجاهد عبدالله بن المبارك رحمه الله، فيحدث عنه رجل كان صاحبه في أسفاره “كان ذات ليلة ونحن في غزاة الروم، ذهب ليضع رأسه ليريني أنه ينام، فقمت أنا برمحي في يدي قبضت عليه، ووضعت رأسي على الرمح كأني أنام كذلك، قال فظن أني قد نمت، فقام فأخذ في صلاته.

 

فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمقه، فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم، فقال يا محمد، فقلت إني لم أنم، قال فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يكلمني، ولا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها، كأنه لم يعجبه ذلك مني لما فطنت له من العمل، فلم أزل أعرفها فيه حتى مات، ولم أرى رجلا أسر بالخير منه” وأما ما يتعلق بحق الآخرين، فوجدت أن شيخ التابعين أويس القرني رحمه الله كان من أفضل من عرف دوره تجاه الآخرين، فعن سفيان الثوري رحمه الله قال “كان أويس يقول اللهم إني أعتذر إليك من كل كبد جائعة، وجسد عار، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني” فهو يعتذر إلى الله تعالى لأنه لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، أو ربما ظن أنه قصر في عبادته وسعيه إلى الله، فكان من الأسباب فيمن يجوع أو يعرى، وأيا كان قصده، فهذا الكلام يدل على شعور عالي بالمسؤولية.

 

تجاه الآخرين من خلاله رحمه الله، ولقد تميزت الأرض بظهور الكثير من الحضارات البارزة على مر العصور والأزمنة، وقد تركت هذه الحضارات خلفها الآثار التي تدل عليها، وتعد الحضارة الإسلامية من أقوى الحضارات وأبرزها فهي قائمة إلى يوم القيامة، وقائمة على أساس إكرام الإنسان والنهوض به وتحقيق رقيه، فقد انطلقت من مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتركت أثرا واضحا في حياة البشرية، وإن الفرح بالإسلام، والفخر بالانتساب لحضارته ليس لأننا ولدنا فيها، ولا لأن آباءنا وأجدادنا كانوا من أهلها، ولكن لأن دين الإسلام هو دين الحق، وحضارته حضارة الرحمة والعدل، فالاعتزاز بها اعتزاز بالإسلام، وإن الاعتزاز بالإسلام هو إعتزاز بالعبودية الحقة لذي العزة والجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، فيقول تعالى فى سوة يونس ” إن العزة لله جميعا”

 

ويقول تعالى فى سورة المنافقون ” ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين” فإن الكارهين للإسلام من المنافقين لا يجترئون على الطعن المباشر في الإسلام لأن قولهم يُرد عليهم، ولكنهم في سبيل ترويجهم لإفكهم ضد الإسلام يطعنون في بعض أحكامه، أو شريعته، أو حملته ونقلته، أو ينكرون حضارته لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول، وإذا نفيت حضارة الإسلام نفي كون الإسلام حقا لأنه إما أن يكون دينا باطلا فلم يبن حضارة صحيحة، وإما أن المسلمين طوال عهدهم لم يطبقوه، فيكون دينا مثاليا لا يمكن تطبيقه، وهذا يفضي إلى أنه باطل، أو أنه أمكن تطبيقه لكن الأمة إجتمعت على عدم تطبيقه وهذا باطل لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولأن الله تعالى لا يمكن أن يصف أمة الإسلام بكونها، كما قال تعالى فى سورة آل عمران ” كنتم خير أمة أخرجت للناس”

 

ثم لا تطبق دين من وصفها بذلك، فلم يبقى إلا أن هؤلاء الكارهين للإسلام وحضارته قد فاضت أحقادهم من قلوبهم فعجزوا عن حبسها، فنطقت بها ألسنتهم، وكتبتها أقلامهم، فكشفوا عن مكنون قلوبهم، فاللهم اهدنا واهدي بنا وإجعلنا سببا لمن إهتدي يا رب العالمين كما نسألك اللهم التقى والهدى، والعفاف والغنى، وأن تجعلنا هداة مهديين، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا رب العالمين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock