دين ومجتمع

إنتظار المريض الفرج من الله

جريدة الصوت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله سامع كل شكوى، ودافع كل بلوى، وعالم السر والنجوى، يبتلي عباده بالسراء والضراء، وأصلي وأسلم على النبي المصطفى والرسول المجتبى بعثه الله بالحق والضياء، والنور والهدى، فبلغ عن الله رسالاته وأؤيد بمعجزاته، وأكرم بقرآنه، فما نطق عن الهوى وما زاغ البصر وما طغى، إن هو إلا وحي يوحى، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وصحابته وأتباعه ما صبح بدا وما ليل سجى، أما بعد فاتقوا الله، فمن يتقي الله يجعل له مخرجا ومن أمره يسرا، ثم أما بعد اعلموا أنه يمر العالم بمصائب كثيرة منها هو إنتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة، ولم تكن هذه الأمراض في العهود الماضية، فكم سمعنا حاليا من أمراض خطيرة إنتشرت في العالم وربما حار العالم في معالجتها فخلفت عددا من الموتى وخسائر إقتصادية هائلة، وإن الله تعالى قد يبتلي العباد.

ليعلموا فقرهم وحاجتهم إليه، ومع تقدم علم الطب لم يصلوا لوقف هذه الأمراض الفتاكة، لنعلم ونؤمن أنه لا يكشف الضر إلا الله عز وجل ولا يدفع ولا يرفع البلاء إلا الله ولا يشفى المرض إلا الله تعالي، فسبحانه القائل العظيم ” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ” وسبحانه وتعالي القائل ” وإذا مرضت فهو يشفين ” وقد عالج الإسلام مثل هذه الأوبئة، وذلك بأن يؤمن المسلم بالقضاء والقدر، وأن ذلك من أركان الإيمان الستة، وقد يكون القضاء خيرا أو شرا، فعلى المسلم أن يرضى بقضاء الله وقدره، فالمرض من الله، والشفاء من الله، والموت من الله، والحياة من الله، ويا أخي الكريم تعرّف إلى الله تعالي في صحتك يعرفك في مرضك وكربتك، واعلم أنه من داوم على الأعمال الصالحة حال صحته كتب له أجرها حال مرضه أو سفره، والمسلم لا يتمنى البلاء.

ولكن يسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وإن من فوائد المرض هو إنتظار المريض الفرج، وأفضل العبادات هو إنتظار الفرج، وهو الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده، وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب، وخصوصا إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده، وقال يا رب، ما بقي لهذا المرض إلا أنت، فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج، وقد ذكر أن رجلا أخبره الأطباء بأن علاجه أصبح مستحيلا، وأنه لا يوجد له علاج، وكان مريضا بالسرطان، فألهمه الله الدعاء في الأسحار، فشفاه الله بعد حين، وهذا من لطائف أسرار إقتران الفرج بالشدة إذا تناهت وحصل الإياس من الخلق، عند ذلك يأتي الفرج، فإن العبد إذا يئس من الخلق وتعلق بالله تعالي جاءه الفرج.

وهذه عبودية لا يمكن أن تحصل إلا بمثل هذه الشدة، فيقول الله تعالي في سورة يوسف ” حتي إذا استئيس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ” ومن فوائد المرض أنه إذا كان للعبد منزلة في الجنة ولم يبلغها بعمله إبتلاه الله في جسده، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها” ويقول سلام بن مطيع اللهم إن كنت بلغت أحدا من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية، فاللهم اجعلنا من عبادك الصابرين وقوي إيماننا وارفع درجاتنا وتقبل صلاتنا ولا تميتنا إلا وانت راضي عنا يارب العالمين، هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه العزيز فقال ” إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock