الرياضة

الكرة المصرية بين الشغف والفوضى لماذا تعجز المنظومة عن استغلال ثروتها الحقيقية

كتب أيمن بحر

مع اقتراب انطلاق بطولة أمم أفريقيا للمنتخبات تعيش جماهير الكرة المصرية حالة من القلق والتوتر بسبب تراجع مستوى المنتخبات الوطنية خلال الفترة الأخيرة سواء المنتخب الأول أو منتخبات الناشئين وهو ما انعكس فى نتائج مخيبة وأداء باهت أفقد الشارع الرياضي ثقته في المنظومة الكروية.

الإخفاقات المتتالية كان آخرها المشاركة في البطولة العربية بقطر حيث ظهر المنتخب المصري الثاني بمستوى ضعيف ولم يحقق أي فوز وخرج من الدور الأول كأضعف فرق مجموعته في مشهد وصفه كثيرون بالمهين وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول أسباب هذا التراجع الحاد لمنتخب كان يوما ما مصدر رهبة لأي منافس في القارة الأفريقية.

الكرة المصرية تعيش صراعا دائما بين طموحات جماهيرية عريضة وواقع إداري وفني مأزوم لا يزال بعيدا عن متطلبات التطوير الحقيقي فرغم التاريخ العريق والقاعدة الجماهيرية الضخمة ووفرة المواهب الفردية فإن المنظومة تعاني من أزمات متراكمة أثرت بشكل مباشر على مستوى المنافسة محليا وقاريا.

أولى هذه الأزمات تتمثل في غياب الاستقرار الإداري داخل الأندية واتحاد الكرة حيث تتغير السياسات بتغير الأشخاص دون وجود رؤية طويلة المدى أو مشروع واضح لتطوير اللعبة وهو ما ينعكس سلبا على التخطيط ويؤدي إلى ارتباك واضح في إدارة المسابقات وملفات التحكيم وجدولة المباريات.

وعلى الصعيد الفني تعاني المسابقات المحلية من ضعف الإيقاع وقلة التنافسية نتيجة ازدحام المباريات في فترات وتوقفها في فترات أخرى إلى جانب غياب معايير واضحة لتطوير المدربين المحليين أو فرض فلسفة لعب حديثة داخل قطاعات الناشئين ورغم نجاح بعض اللاعبين في الاحتراف الخارجي فإن ذلك يتم غالبا بمجهودات فردية وليس نتيجة عمل مؤسسي متكامل.

الإصلاح الحقيقي للكرة المصرية لا يمكن أن يقتصر على تغيير أسماء أو تشكيل لجان مؤقتة بل يتطلب إعادة هيكلة شاملة تبدأ من القاعدة ويأتي تطوير قطاع الناشئين في مقدمة الأولويات من خلال توحيد مناهج التدريب وتأهيل المدربين علميا وربط المدارس والأكاديميات بالأندية بشكل منظم يضمن استمرارية الإنتاج الكروي.

كما يمثل الاستثمار في البنية التحتية من ملاعب ومراكز تدريب عاملا حاسما في تحسين جودة اللعبة ورفع مستوى اللاعبين بينما يحتاج ملف التحكيم إلى استقلال حقيقي وتطوير فني وتقني مستمر مع تقليل الضغوط الإعلامية والإدارية التي تؤثر على قرارات الحكام وتفقدهم الثقة والهيبة.

وتظل العدالة والانضباط داخل المسابقات شرطا أساسيا لاستعادة ثقة الجماهير واللاعبين حيث لا يمكن بناء منظومة قوية في ظل ازدواجية المعايير وتباين القرارات.

اقتصاديا لا تزال أغلب الأندية تعمل فوق إمكانياتها وتعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الحكومي أو الرعاة دون وجود خطط استثمارية واضحة بينما يتطلب التحول إلى الفكر الاحترافي شفافية مالية وتسويقا أفضل للمسابقات واستغلالا حقيقيا للقيمة الإعلامية والتجارية للدوري المصري.

في النهاية لا تعاني كرة القدم في مصر من نقص في الشغف أو الموهبة بل من خلل واضح في الإدارة والرؤية والإصلاح ممكن إذا توفرت الشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة والابتعاد عن الحلول المؤقتة والإيمان بأن بناء منظومة قوية ومستقرة هو الطريق الوحيد لاستعادة المكانة الطبيعية للكرة المصرية على المستويين الإقليمي والقاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock