
علينا أن نمهزل الأشياء الخطيرة لنتغلب عليها. فالخوف لا ينكسر الا أمام الضحك أشعر بسعادة غريبة أكاد أقول بأنها شيطانية… تتسرب إلى نفسي في غفلة مني… تنتزع مني تمثلاتي، تستبدلها بصور العرب في حاضرهم البائس حيث يعم الخوف…. يوحد بين الحاكم والمحكوم، بين المستبد والمقموع… الكل يراقب الكل… وأتفههم يمكنه الفتك بأقواهم.
حارس العمارة، أو الغفير أو ما يسمى عندنا بعون الشعبة، يمتلك سلطة لا تضاهيها أي سلطة… سلطة العين التي لا تنام، تلك التي تراقب أضواء المنازل والشقق فتعلم من أصابه الأرق، ومن عجّل بالنوم، وتعلم من يستيقظ باكرا، من يصلي ومن لا يصلي، تسترق السمع فتعلم حالات الغضب والشجار والكلام الرومانسي بين الظاهر والخفي، بين العاشق والمعشوق، تبين بالسمع من يرتل القرآن فجرا ومن يحرض على التظاهر والاحتجاج بصوت اقرب الى الهمسات في اذن المعشوق.
هذا الموجود الذي لا يكاد يرى، يعلم ما يحصل في كل بيت، ويدرك من خلال قماماتكم، فمن منكم سكير، ومن منكم مريض ومن يضاجع باستعمال الواقي ومن لا تزال خصبة ومن كان شرها… ما تقوله المزابل عندنا اصدق مما تقوله صحافتنا…
الخوف عندنا حالة عامة ومشتركة… فالمستبد العربي يخشى في حكمه الجيش وحاشيته وأمريكا ونادرا يخشى الله والشعب..
الشعب عندنا يخشى الحاكم المستبد اولا، والرب كثيرا، لكونه يهددنا بجهنم ثانية، ونحن نقيم في الاولى… الحكومة تخشى البرلمان والمخابرات والصحافة… وصحفتنا تخشى الصحافة وتخشى المخابرات وتخاف من المستبد.
وخلف سلاسل الخوف هذه، يبقى حارس العمارة السيد الوحيد الذي يمتلك اسباب حكم لا يرى، ولا يسمع، مع انه قاتل…
هذا حالنا كعرب، مضحك ومخيف… المي يضحكني لفرط وجعي ويأسي، لكنه يزرع في روحي تحدي سيزيف….



