في مشهدٍ يجسد وحدة الوجدان العربي وتلاحم الهوية الثقافية، احتضنت مدينة “الشويفات” اللبنانية فعاليات المهرجان العراقي اللبناني الثاني، في تظاهرة إبداعية كبرى انطلقت تحت شعار “في حضن الأرز يزهر الرافدان بالحب والسلام”. وتحت سماءٍ بيروتية غسلتها قطرات المطر، تحول الحدث من مجرد احتفالية دورية إلى جسرٍ حضاري متين يربط ضفاف دجلة والفرات بقمم صنّين، معلناً أن الكلمة والنغم هما السلاح الأمضى في معركة السلام الإنساني.
رعاية دبلوماسية وحشد رسمي
شهدت الأمسية حضوراً دبلوماسياً رفيع المستوى، تقدمته سعادة سفيرة جمهورية العراق لدى لبنان، السيدة ندى كريم مجول، التي أكد حضورها على العمق الاستراتيجي للرعاية العراقية للإبداع في دول الاغتراب، يرافقها المستشار الدكتور يعرب التميمي والمستشارة نور الهاشمي. كما حظي المهرجان بتمثيل رسمي من وزارتي الثقافة والسياحة اللبنانية، ونخبة من أقطاب العمل النقابي والجمعيات الأهلية، وسط مواكبة إعلامية واسعة قادتها قناة “نيوز” والعديد من المنصات الإخبارية.
خطاب الثقافة وجسور الحوار
استُهلت المراسم بالسلامين الوطنيين لجمهوريتي العراق ولبنان، أعقبتها كلمات رسمية رسمت ملامح التكامل الثقافي بين البلدين؛ حيث تعاقب على المنصة ممثلو الوزارات اللبنانية، واللجنة الثقافية ببلدية الشويفات، وإدارة “كامب نيوز”. وقدمت السيدة إيمان عبد الملك رؤية جمعية “التواصل والحوار الإنساني” في تقريب المسافات بين الشعوب، ليختتم الكلمات الشاعر والصحفي كاظم العطشان، رئيس وفد الرافدين الثقافي، بكلمة استحضرت عظمة الجذور الحضارية للعراق وتأثيرها الإبداعي المستمر.
ليلة القوافي واللحن الشجي
وعلى منبر الإبداع، تلاقى الشعراء في ليلةٍ اتسمت بالرقي الأدبي، حيث امتزجت جزالة الفصحى بعفوية الشعر الشعبي. وصدحت أصوات الشعراء العراقيين: رزاق المطيري، كاظم العطشان، چاسب الحمداني، ونقاء الشمري. ومن الجانب اللبناني، شاركت الشاعرتان إيمان عبد الملك ومريم جاقوق، والشاعر شربل. وتخللت هذه القوافي وقفات طربية ساحرة أحيتها المطربة هناء، التي تنقلت ببراعة بين المقامات العراقية والألوان اللبنانية بمصاحبة فرقتها الموسيقية.
مراسيم التكريم والوفاء
وفي لفتة تعكس رقيّ البروتوكول الثقافي، تم تكريم سعادة السفيرة ندى كريم مجول بـ “درع الأرز”، تقديراً لدورها في تعزيز الروابط المشتركة. كما جرى تبادل دروع الامتنان بين الوفد العراقي والجهات اللبنانية المنظمة، شملت بلدية الشويفات، والدكتورة ريما يونس، والأستاذ كميل عبد الله. واختتمت الأمسية بتجمع ودي عكس “وحدة الحال” والروح الأخوية التي جمعت الضيوف بمضيفيهم في تظاهرة ستبقى محفورة في ذاكرة الثقافة العربية.