
ليست الحجارة وحدها التي تشهد على التاريخ بل الروح التي تسكنها والعبق الذي يخرج من بين جدرانها ليحكي حكاية وطنٍ صنع الحضارة قبل أن تكتب الحضارات.
اليوم يقف المتحف المصري الكبير عند أعتاب الأهرامات كأنه بوابة بين الماضي والمستقبل بين ما كان وما سيكون ليعيد لمصر وجهها الذي يليق بها وجه المجد والعظمة.
إنه ليس مجرد متحف بل مشروع وطني بحجم الحلم المصري.
على ضفاف الجيزة حيث تتعانق الرمال الذهبية مع ظلال الأهرام، ولد المتحف الكبير ليكون أعظم صرح أثري في العالم وأكبر متحف مخصص لحضارة واحدة
حضارة مصر القديمة بكل ما فيها من أسرار ونور وحكمة.
في قاعاته الممتدة كجناحين من نور، تسكن روح توت عنخ آمون بكل كنوزه التي تعرض كاملة لأول مرة، ويتجاور الملوك والفراعنة في لوحة من الخلود.
كل قطعة وكل جدارية وكل تمثال يهمس بزمنٍ لم يغب وكأن المصري القديم عاد ليروي بنفسه قصة نيله ونقوشه ومجده الذي لم يمح.
لكن عظمة المتحف لا تقف عند حد الحجر والتمثال بل تتجسد في فلسفة العرض والتصميم؛
حيث يتحدث التاريخ بلغة الحاضر وتعرض الآثار بروح التكنولوجيا في دمج راق بين الأصالة والمعاصرة.
هنا لا تشاهد فقط بل تعيش التجربة وتسمع نبض الزمان وتشعر أنك تسير بين صفحات كتاب ضخم عنوانه “مصر التي لا تموت”.
إن افتتاح المتحف الكبير هو إعلان ميلاد عصرٍ جديد من الوعي والهوية والثقة بالنفس.
فهو لا يحكي فقط عن ماضي مصر بل يؤكد للعالم أن من صنع الماضي قادر على صياغة المستقبل.
فمصر التي أبدعت فنون العمارة والنحت قبل آلاف السنين هي نفسها التي تعيد اليوم صياغة الإبهار بلغة حديثة تدهش الزائر من أول خطوة حتى آخر نظرة.
وهكذا، يعود المتحف الكبير ليكون رمزا للنهضة المصرية الحديثة وواجهة تليق ببلد لا تنطفئ حضارته ومقصدا للعالم كله.
ليشهد أن مصر برغم العصور والرياح والتحديات ما زالت هي المبتدأ وهي الخبر.
فكما كانت الأهرامات معجزة الماضي سيكون المتحف الكبير معجزة الحاضر وشاهداً جديدا على أن مصر لا تكتب في سطر بل تروى في ألف مجلد من المجد والخلود.



