صحف وتقارير

الإعلام الرياضي بين التنوير والتأجيج

جريدة الصوت

بقلم:احمد شتيه 

في عصر أصبحت فيه كرة القدم أكثر من مجرد لعبة،

وتحولت  إلى شغف يومي يلامس مشاعر الملايين،

يبرز الإعلام الرياضي كأحد أقوى الأدوات تأثيراً في تشكيل وعي الجمهور،

وتوجيه انفعالاته، سواء نحو الروح الرياضية أو التعصب الأعمى ،

فالإعلامي الرياضي اليوم لا يحمل فقط ميكروفوناً أو قلماً،

بل يحمل معه قدرة على البناء أو الهدم، على التهدئة أو التصعيد.

يلعب الإعلام الرياضي دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام الرياضي،

وقدرته على خفض أو تصعيد التعصب الكروي باتت واضحة وجلية.

فبعض البرامج والقنوات لا تتوانى عن استغلال المنافسات الرياضية لإثارة الجماهير،

مستخدمة خطاباً عاطفياً منحازاً،

وتحليلات تفتقر للحياد والموضوعية،

مما يؤدي إلى تأجيج مشاعر الكراهية بين مشجعي الفرق المختلفة.

في المقابل، يثبت بعض الإعلاميين الرياضيين أن الإعلام يمكن أن يكون منصة لبث الوعي،

وتعزيز قيم الاحترام والتسامح، من خلال التغطيات المتزنة،

وتسليط الضوء على الروح الرياضية،

وتقديم النقد البناء بعيداً عن الإساءة أو التحريض.

لا يمكن إنكار أن انتماء بعض الإعلاميين الرياضيين لأندية معينة ينعكس في خطاباتهم الإعلامية وعندما يغيب الوعي المهني، يتحول هذا الانتماء من حافز للإبداع إلى وقود لإشعال الفتن ، إذ يلجأ بعضهم إلى استخدام منصاتهم لتصفية الحسابات، أو التقليل من إنجازات فرق منافسة، أو الترويج لنظريات المؤامرة، مما يُعزز الانقسام بين الجماهير، ويزرع الشك في نزاهة المنافسات.

إن المهنية الإعلامية تتطلب من الإعلامي الفصل بين مشاعره الشخصية وأدائه الإعلامي، والالتزام بمبادئ الحياد والاحترام، لأن التأثير الذي يصنعه على جمهور واسع قد تكون له تبعات أخطر مما يُتصور.

ونتيحة لذلك يجب علينا اتخاذ بعض الخطوات لخفض منسوب التعصب في الشارع الرياضي، لا بد من تبنّي خطة متكاملة، تشمل عدة مسارات، أهمها ، التربية الإعلامية و تعزيز وعي الجماهير بدور الإعلام، وتدريبهم على التمييز بين الخطاب المهني والتحريضي ، إدراج مقررات للتربية الرياضية والإعلامية في المدارس والجامعات لتأسيس جيل واعٍ.

تمكين الرموز الرياضية المعتدلة من الظهور الإعلامي، وتقديمهم كنماذج إيجابية وتطوير مواثيق الشرف الإعلامي الرياضي وتفعيل لجان المتابعة والمحاسبة.

لم تعد الدعوات الأخلاقية كافية وحدها، بل بات من الضروري سن قوانين أكثر صرامة، لمحاسبة القنوات أو الإعلاميين الذين يتجاوزون حدود المسؤولية المهنية وتشمل المقترحات فرض غرامات مالية كبيرة على القنوات التي تسمح بخطابات تحريضية على أساس انتماء كروي.

سحب تراخيص البث المؤقت أو الدائم في حال التكرار أو الخطاب الخطير ، إنشاء مجلس رقابي مستقل يتلقى شكاوى الجماهير ويملك صلاحية التحقيق واتخاذ الإجراءات، إلزام القنوات ببرامج تثقيفية أسبوعية عن الروح الرياضية وأخلاقيات التشجيع.

إن الإعلام الرياضي اليوم مطالب بالاختيار بين أن يكون وقوداً للتعصب، أو جسراً للتقارب وبينما لا يمكن منع الناس من حب فرقهم أو التعبير عن انتمائهم، يمكن ضبط الطريقة التي يُدار بها هذا الحب، وتوجيهه نحو البناء لا الهدم. فالكلمة التي تُقال على الهواء قد تُلهب المدرجات، أو تُطفئ ناراً متأججة، والإعلامي الرياضي الحقيقي هو من يختار أن يكون جزءاً من الحل، لا من المشكلة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock