
كتب أشرف ماهر ضلع
عبر التاريخ، ظل الإيمان بالله اختبارًا صعبًا، يفرق بين القلوب التي تبحث عن الحقيقة، وتلك التي تطلب الملموس والمحسوس.
تمامًا كما طلب أصحاب موسى عليه السلام رؤية الله جهرة، وعندما لم يجدوا استجابة، صنعوا العجل الذهبي ليعبدوه! لم يكن ذلك مجرد خطأ عابر، بل هو طبيعة النفوس التي لا تطيق الغيب، والتي تريد أن تُجسد العقيدة فيما تراه العيون وتلمسه الأيدي. حتى أنهم عندما حاول هارون عليه السلام منعهم، كادوا يفتكون به!
وكذلك أصحاب عيسى عليه السلام، الذين لم تكن أعظم آمالهم معرفة الحق، بل طلبوا مائدة من السماء، ليؤمنوا بعدها. كأن الإيمان عندهم لا يكتمل إلا إذا شبعت البطون!
لكن وسط هذه النماذج، كانت هناك قلة استثنائية، خيرة البشرية، صحابة محمد صلى الله عليه وسلم، الذين تميزوا عن غيرهم بقلوب امتلأت باليقين، لا تطلب معجزة، ولا تشترط برهانًا مرئيًا. بل قالوا للنبي في أول معركة:
“امضِ لما أمرك الله، فإنا معك، لو خضت البحر لخضناه معك، وما تخلف منا رجل!”
لم يكونوا كغيرهم، لم يترددوا، ولم يطلبوا ضمانات دنيوية، بل كان إيمانهم خالصًا لله، فأكرمهم الله بتمكين لم يشهد له التاريخ مثيلًا. في عشر سنين فقط، ملكوا الدنيا، ونشروا العدل، وخلد الله ذكرهم، وجعل مقاعدهم في الجنة محفوظة لا ينافسهم فيها أحد.
هكذا يكون الإيمان، وهكذا يكون التمكين.
“وَلَا غَالِبَ إِلَّا اللَّهُ”