فن وثقافة
سعيد الماروق يعيش حالة من النشاط الفني في تركيا ومسلسل “الوحوش 2” مفاجأة من العيار الثقيل
الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

يعيش المخرج اللبناني المتميز سعيد الماروق حالة من النشاط الفني المكثّف في تركيا، حيث يقضي هناك فترة طويلة من الوقت في تحضيرات مكثفة وأعمال إنتاجية ضخمة، تشهد على عودة قوية له إلى الساحة الفنية، وبخاصة في مجال الدراما التلفزيونية التي غاب عنها لفترة ليست قصيرة.
فمنذ وصوله إلى الأراضي التركية، حرص الماروق على التفرغ الكامل للعمل، مفضلاً البُعد عن الأضواء لحين اكتمال ملامح المشروع الضخم الذي يعمل عليه حاليًا، وهو الجزء الثاني من المسلسل الذي أثار جدلاً واسعًا وحقق نسب مشاهدة مرتفعة في موسمه الأول، ألا وهو مسلسل “الوحوش”.
المفاجأة الكبرى التي كشف عنها سعيد الماروق في جلسة خاصة لبعض المقربين منه، هي أن الجزء الثاني من “الوحوش” لن يكون مجرد استكمال للأحداث كما يتوقع البعض، بل سيكون بمثابة “انقلاب درامي” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث أدخل تغييرات جوهرية على الخطوط السردية، وأضاف شخصيات جديدة ستقلب موازين الصراع وتفتح أبوابًا غير متوقعة أمام الجمهور.
الماروق، المعروف برؤيته البصرية الخاصة وجرأته الإخراجية، أكد أن الجمهور سيكون على موعد مع تجربة درامية غير تقليدية، تتجاوز حدود التكرار والاستسهال، حيث يسعى لتقديم موسم ثانٍ يحمل في طيّاته عمقًا نفسيًا أكبر، وإسقاطات اجتماعية وسياسية أكثر وضوحًا، دون أن يفقد عنصر التشويق الذي ميّز الجزء الأول.
ومن المتوقع ان قلب إسطنبول، حيث اختار الماروق أن تكون مقرًا لإدارة المشروع الجديد، يعمل حاليًا مع فريق تقني وإبداعي يجمع بين الخبرات العربية والتركية، في محاولة لصنع دراما إقليمية قادرة على المنافسة في سوق باتت فيه المنافسة شرسة، سواء على مستوى الإنتاج أو التوزيع أو حتى على صعيد التفاعل الجماهيري.
وقد صرّح الماروق في حديث جانبي أن اختيار تركيا لم يكن صدفة، بل جاء بعد دراسة طويلة، نظرًا لما توفره من بيئة تصوير احترافية، ومواقع طبيعية مذهلة، إلى جانب توفر البنية التحتية التي تساعد على تنفيذ إنتاجات ضخمة بجودة عالمية.
وفيما يخص طاقم العمل، رفض الماروق الكشف عن الأسماء المشاركة في الجزء الثاني من “الوحوش”، واكتفى بالقول إن هناك مفاجآت كبيرة بانتظار الجمهور، وأن بعض النجوم الذين لم يظهروا في الموسم الأول سيكون لهم حضور محوري هذه المرة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن العودة ستكون قوية لبعض الشخصيات التي أحبها الجمهور، ولكن بتطورات غير متوقعة في مسارها الدرامي، وهو ما يزيد من حالة التشويق والترقب لدى المتابعين.
سعيد الماروق، الذي عرفه الجمهور العربي كمخرج سينمائي لم يُخفِ سعادته الكبيرة بهذا المشروع، إذ قال بالحرف: “أنا عايش حالة عشق حقيقية مع المسلسل ده، وكل مشهد بصوره بيخليني أحس إني برجع للسينما من بوابة الدراما”، وأضاف أن “الوحوش” بالنسبة له ليس مجرد مسلسل، بل تجربة فنية كاملة تتيح له الغوص في أعماق النفس البشرية، واستكشاف مفاهيم الخير والشر، والسلطة والانهيار، من منظور مختلف وأكثر إنسانية.
وتابع: “أنا مش بس بصور مسلسل، أنا ببني عالم كامل، فيه تفاصيل نفسية وسينمائية، واللي هيشوف الجزء التاني هيحس بده من أول مشهد لآخر دقيقة”.
وما يزيد من زخم هذه التجربة، هو أن الماروق لا يعمل فقط كمخرج، بل يشارك أيضًا في كتابة بعض الحلقات وتطوير البناء الدرامي، بالتعاون مع فريق من الكُتّاب الشباب الذين اختارهم بعناية، مؤمنًا بأهمية ضخ دماء جديدة في جسد الدراما العربية، وإعطاء الفرصة لأفكار أكثر حداثة، تحمل نبض الشارع وتُعبّر عن الجيل الجديد.
ويرى الماروق أن “الوحوش” هو مساحة مفتوحة للابتكار، تسمح له وللفريق بأخذ مخاطرات محسوبة على مستوى السيناريو والحوار وحتى الإخراج، مؤكدًا أن الجرأة الفنية لا تعني التهوّر، بل هي في الأساس قرار واعٍ مدروس يُبنى على تحليل دقيق لردود فعل الجمهور وتوقّعاته.
ورغم التكتم الشديد الذي يفرضه الماروق على تفاصيل العمل، إلا أن بعض المصادر القريبة من موقع التصوير كشفت أن الميزانية المخصصة للإنتاج تُعد من بين الأعلى في تاريخ الدراما العربية المُصوَّرة خارج البلاد، كما أن التصوير يتم باستخدام أحدث الكاميرات والتقنيات السينمائية، مما ينبئ بعمل بصري على أعلى مستوى، لا يقل جودة عن نظيره الغربي.
ومن المنتظر أن يُعرض الجزء الثاني من المسلسل على أكثر من منصة رقمية، إلى جانب قنوات فضائية كبرى أبدت اهتمامًا مسبقًا بالحصول على حقوق البث الحصري، وهو ما يعكس حجم الترقب لهذا العمل المنتظر.