مقالات وآراء

البكالوريا المصرية : تعليم عالمي بهوية وطنية

جريدة الصوت

بقلم – احمد شتيه

في الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لتطوير منظومة التعليم المصري، يطل علينا نظام البكالوريا كأحد أهم النماذج التعليمية العالميةالتي يمكن أن تضع الطالب المصري على خريطة التعليم الدولي، وتمنحه فرصة حقيقية للتعلم للحياة وليس للامتحان فقط.

البكالوريا الدولية (IB) وُلدت في جنيف عام 1968، وتطبّق الآن في أكثر من 5000 مدرسة حول العالم ، يعتمد النظام على منهج متكامل يوازن بين العلوم، الرياضيات، اللغات، الدراسات الاجتماعية، الفنون، إضافة إلى مشروعات بحثية وأنشطة مجتمعية، فلسفته الأساسية إعداد طالب مفكر، مبتكر، قادر على البحث والتحليل، وليس مجرد متلقٍ للحفظ والتلقين.

ويتميز نظام البكالوريا بانه نظام قائم على تقييم عادل ومتنوع ، لا يعتمد النظام على امتحان نهائي واحد، بل على تقييم مستمر يشمل مشروعات وأبحاث وعروض عملية ، كما ان شهادة البكالوريا معترف بها في كبرى الجامعات الدولية، ما يفتح الباب أمام الطالب المصري للتعليم خارج الحدود كما انها تنمي المهارات الحياتية عن طريق دمج الأنشطة والفنون وخدمة المجتمع ضمن عملية التعليم، ليصقل شخصية الطالب وتسعى لتوفير التفكير النقدي والإبداع وتشجيع الطالب على طرح الأسئلة والبحث عن الحلول، بدلًا من الاكتفاء بالحفظ.

في حين تقوم الثانوية العامة المصرية على امتحان واحد يحدد مصير الطالب، تتيح البكالوريا مسارًا أكثر إنصافًا يقوم على التقييم المستمر وتنمية قدرات التفكير والإبداع ، البكالوريا لا تعني صعوبة أكبر، بل ذكاء أكبر في قياس مستوى الطالب.

ارتبط اسم البكالوريا بعدد من الشائعات، مثل “صعوبة المناهج”، أو “ارتفاع التكاليف”، أو “عدم الاعتراف بها محليًا”، إلا أن الواقع مختلف. المناهج تعتمد على التدرج والفهم، ويمكن تطبيقها في مدارس حكومية بأسعار مناسبة، كما أنها معترف بها داخل مصر وخارجها، مع إمكانية دمج مواد الهوية الوطنية مثل اللغة العربية والتاريخ والتربية الدينية.

نجاح البكالوريا المصرية مرهون بقدرة الدولة على تأهيل المعلمين وتدريبهم على طرق التدريس الحديثة، وتكييف المناهج بما يحافظ على الهوية الوطنية، إلى جانب إقناع المجتمع أن هذا النظام ليس عبئًا إضافيًا بل فرصة حقيقية لمستقبل أفضل.

إذا كانت الثانوية العامة قد تحولت عبر العقود إلى “شبح” يطارد الطلاب والأسر، فإن البكالوريا المصرية تقدم نموذجًا جديدًا، أكثر عدالة وإنسانية، وأقدر على إعداد طالب مصري بمواصفات عالمي دون أن يفقد هويته الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock