
بقــلم / محمد نجم الدين وهبي
تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة البلطجة و استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد باستخدام السلاح بقصد ترويع الأشخاص وفرض السطوة عليهم وابتزازهم وسلب حقوقهم المشروعة حتى بات الأمر يشكل خطورة تهدد أمنهم وتكدر سكينتهم وتمس بطمأنينتهم على أرواحهم ومصلحتهم وممتلكاتهم.
البلطجة تهدد الأمن والاستقرار في المجتمعات, تخلق بيئة من الخوف والرعب, تؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية, تساهم في انتشار العنف والجريمة.
تتنوع أشكال البلطجة في مصر، وتشمل: الاعتداءات الجسدية: تتراوح من الضرب والإيذاء إلى القتل العمد واعمال السرقات وتشمل السطو المسلح والنشل والابتزاز وفرض السيطرة فى احتلال الأماكن العامة، وتهديد أصحاب المحلات التجارية، والتدخل في شؤون الناس والترهيب و تخويف الأفراد والجماعات باستخدام العنف والتهديد، و التنمر والمضايقات المتكررة، والتخريب، والإقصاء ،غير البلطجة الإلكترونية والتهديد عبر الإنترنت.
ومن هذا المنطلق فقد عُني قانون العقوبات المصري بعد تعديلاته الأخيرة، بمعالجة هذه الظاهرة وتقنين الجزاء الرادع لها، كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2582 لسنة 2019 بأن تحيل النيابة العامة جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة (البلطجة) إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ المشكلة طبقاً للقانون 162 لسنة 1958، أما في الشريعة الاسلامية فقد قال الله تعالى في الآية 33 من سورة المائدة ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
وكلمة البلطجي هي تركية معناها حامل السلاح، ومع الأيام تطور معني الكلمة، إلى أن أصبح أي شخص يستولي على شيء بقوة السلاح “بلطجي”، فمن يهاجم بائعة خضار بسيطة ويسلب منها بقوة السلاح إيراد يوم طويل من الشقاء والتعب، ستطعم به أطفالها اليتامى هو بلطجي، ولو أنك تدرجت في قيمة الأشياء التي نجح البلطجية في الاستيلاء عليها.
ومع مرور الوقت، تطور المعنى ليشمل أي شخص يستخدم القوة أو العنف لتحقيق أهدافه، خاصة في سياق الاستيلاء على الممتلكات بالقوة.
في مصر، ارتبطت كلمة “بلطجي” بشخص يفرض سيطرته بالقوة ويثير الرعب في المنطقة، وغالباً ما يعمل كأداة قمع في يد جهات أخرى.
يمكن أن تكون البلطجة نتيجة لعدة عوامل منها ضعف سلطة القانون وتراجع دور الأجهزة الأمنية في بعض المناطق، وقد يدفع البعض إلى الانخراط في أعمال البلطجة كسباً للرزق وايضا تفكك الروابط الاجتماعية وعدم وجود رادع أخلاقي ، وسهولة الحصول على الأسلحة النارية واستخدامها في أعمال العنف.
في بعض الحالات، تستخدم الأنظمة البلطجة كماداه لقمع المعارضة والتظاهرات والتنمر والعنف الأسري يمكن أن يكونا من الأسباب التي تؤدي إلى ظهور البلطجة.
ومن حلال المتابعة الجيدة للمشهد يجد أن صور البلطجة متعددة، وأن كل ما يشكل خطورة تهدد الأمن وتكدر السكينة والطمأنينة يعد شكلًا من أشكال البلطجة.. وللأسف الشديد تعددت في الآونة الأخيرة أشكال البلطجة من استعراض القوة أو التلويح بالعنف والتهديد باستخدام السلاح أو الترويع والابتزاز والقتل والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
في الفترة الأخيرة بدأت تظهر على السطح بعض مقاطع الفيديوهات التي بها بعض الممارسات من ضرب بالأسلحة النارية واسلحة بيضاء كالسنج والمطاوي واعمال العنف التي لا تمت للدين ولا للمجتمع المصري بصلة، والتي يمكن حصرها إجمالًا في مصطلح (البلطجة)، مما جعل البعض يتحدث عن ضرورة التصدي بحزم وحسم لمواجهتها ومواجهة كل أفعال العنف بشتى صوره بكل قوة، لأن هذه الممارسات الخاطئة تعد جريمة قانونية وإنسانية نكراء، ترفضها الأعراف والتقاليد أيضًا، وتنهى عنها كافة الشرائع السماوية، لأن كل الممارسات التي تحمل صور البلطجة تعد إفسادًا في الأرض وظاهرة مرعبة للمجتمع، حيث نهت الشريعة الإسلامية طبقًا لرأي دار الإفتاء عن مجرد ترويع الآمنين حتى ولو كان على سبيل المزاح أو باستخدام أداة تافهة أو بأخذ ما قلت قيمته، فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم في “صحيحيهما” عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ».
نحن بحاجة إلى التصدي لكل أشكال البلطجة أو الخروج على القانون، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف كل المؤسسات العامة وخاصة مؤسسة الشرطة وكافة أفراد المجتمع، ووجود حلول جذرية وجادة لها بما يساهم في خلق جيل قادر على نشر كل ما هو هادف سواء كان هذا في سياق الأعمال الدرامية والفنية مع منع جميع الاعمال السينمائية والدرامية التي اظهرت اعمال البلطجة بوضوح .
للتغلب على هذه الظاهرة، يجب تفعيل دور الأجهزة الأمنية، وتعزيز سلطة القانون، وتوفير فرص عمل للشباب، وتفعيل دور المؤسسات الاجتماعية، وتوعية المجتمع بخطورة البلطجة .