مقالات وآراء

التعافي من الصدمة ليس مصيرا يفرض بل قرار يتخذ واختيار يمارس

كتبت/منى منصور السيد

 

لطالما اعتبرت الصدمات النفسية كوارث تترك ندوبا ابدية وكثيرا ما يغرق الناجون في تساؤل محوري هل انا محكوم بحالة الضحية ام ان هناك طريقا للخلاص في علم النفس الحديث يتبلور الرد في مفهوم بالغ الاهمية التعافي من الصدمة هو مزيج قوي من القرار والاختيار التعافي ليس حالة سلبية تنتظر ان تحدث بل هو فعل ارادي يتطلب شجاعة والتزاما

ان اول شعاع نور يضيء في نفق الصدمة هو القرار الواعي بالرغبة في الشفاء هذا القرار ليس مجرد امنية عابرة بل هو لحظة تحول يقرر فيها الناجي لن اسمح لهذه التجربة ان تحدد هويتي ومستقبلي يتجلى هذا القرار في عدة خطوات حاسمة اولها اعتراف القبول اي التوقف عن مقاومة حقيقة ما حدث والاعتراف بان الصدمة واقعة وهو مفتاح للتحرر من عبء الانكار يليه الالتزام بطلب المساعدة وهو القرار الشجاع بالبحث عن الدعم المتخصص سواء كان علاجا نفسيا او مجموعات دعم بدلا من الانزواء واخير اعلان النية الواضحة للتحرك نحو الامام مما يوجه الطاقة العقلية من التفكير المفرط في الماضي الى التخطيط للمستقبل هذا القرار هو اطار العمل انه يحدد المسار ويشعل المحرك

اذا كان القرار هو بداية الطريق فان الاختيارات اليومية هي خطوات السير الفعلية التعافي ليس حدثا لمرة واحدة بل هو عملية مستمرة تتكون من الاف القرارات الصغيرة التي تتخذ كل صباح وهنا يكمن جوهر المرونة النفسية في كل يوم يواجه الناجي مجموعة من الاختيارات التي اما ان تقربه خطوة من الشفاء او تعيده الى دائرة الالم هناك اختيار الوعي بدلا من الهروب اي الانخراط في ممارسات اليقظة الذهنية لفهم المشاعر بدلا من محاولة تخديرها بالانشغال او الادمان وهناك اختيار الرعاية الذاتية وتلبية الاحتياجات الاساسية النوم الجيد التغذية السليمة الحركة حتى عندما يبدو الجسد والعقل منهكين كما ان اختيار التعبير بدلا من القمع عن الالم والغضب والحزن بطرق صحية سواء عبر الكتابة او الرسم او الحديث مع معالج امر حيوي والاهم هو اختيار المرونة في مواجهة الانتكاس فعندما تاتي موجة من الذكريات او المشاعر القاسية يكمن الاختيار في الاعتراف بالانتكاسة ثم العودة بهدوء الى الممارسات الصحية بدلا من اعتبارها فشلا كاملا

ان الفصل بين التعافي كونه قرارا او اختيارا هو فصل غير مجد ففي الواقع هما وجهان لعملة واحدة القرار يمنحك البوصلة والاختيار يمنحك الخريطة التفصيلية للرحلة لا يمكن لشخص ان يبدا طريق التعافي دون اتخاذ قرار قاطع بالشفاء ولا يمكنه الاستمرار في هذا الطريق دون ممارسة الاختيارات اليومية الشجاعة التي تتيح له النمو والتجاوز لذا فان رسالة الامل موجهة لكل من يصارع اثار الصدمة انت لست ضحية ابدية للظروف انت صانع مستقبلك التعافي هو انجاز انساني عظيم يبدا بـ نعم سافعلها القرار ويبنى على اليوم ساختار الشفاء الاختيار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock