دين ومجتمع

مبشرات بين يدي رحمة الله ونزول نعمته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر التربوية والتعليمية الكثير عن الرياح وقيل أنها جند طائع لله تعالى، فإذا شاء الله صيرها رحمة، فجعلها رخاء ولقاحا للسحاب، فكانت مبشرات بين يدي رحمته ونزول نعمته، وإذا شاء الله جعل هذه الرياح نقمة ونكالا، فكانت صرصرا عاصفا وعذابا عقيما، وهذه الريح جعلها الله سلاما لنصرة أوليائه، فحينما زلزل المؤمنون يوم الخندق زلزالا شديدا وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر نصر الله نبيه وأولياءه.

فأرسل على أعدائهم ريحا عاتية قلعت خيامهم وأطفأت نارهم وكفأت قدورهم، فإرتحلوا بعد ذلك صاغرين متفرقين، فيا إخوة الإيمان حدث مهيب ومنظر مهول، يوجل القلوب ويدهش العقول، فحينما الناس في دنياهم غافلون و في لهوهم سادرون إذ أذن الله لجند من جنوده أن يتحرك، أذن للهواء الساكن أن يضطرب ويهيج ويموج ويثور ويزمجر، يثيرالأتربة ويظلم الجو، لا يقف أمامه شيء إلا إبتلعه، ولا شجر إلا إقتلعه، ولا شاخص إلا صرعه ورماه في مكان سحيق، يحدث هذا كله وذاك الخراب في لحظات سريعة خاطفة، فلا إله إلا الله، ما أعظم قدرة الجبار، فإنها مدن عامرة تدب في أرجائها الحياة لجمالها وصفائها، وفي غمضة عين وإنتباهتها يغيرها الله من حال إلى حال، فأضحت أوطانا موحشة وديارا خاوية وأطلالا بالية، وما أكثر العبر وما أقل الإعتبار.

فهذه الرياح يوم تعصف عاصفتها كأنما تخاطب أهل الأرض، تخاطبهم بعظمة الخالق وعجز المخلوق وضعفه، تخاطبهم بأن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأن المخلوق مهما طغى وبغى ومهما أوتي من قوة وتقدم فليس بمعجز في الأرض، وليس له من دون الله من ولي ولا نصير، فهذه الرياح أصابت دولا عظمى فما أغنت عنهم قوتهم من شيء لما جاء أمر ربك نعم، وقد نجحت البشرية في رصد هذه الرياح وكشف وجهتها وسرعتها، لكنها مع قوتها العسكرية وأجهزتها العلمية وترساناتها الحربية عجزت عن مواجهة هذا الجندي الإلهي أو تغيير وجهته وتقليل خسائره، فيا إخوة الإيمان من الحقائق الثابتة التي نطق بها القرآن الكريم أن هذه المصائب العامة التي تنزل بالبلاد والعباد إنما هي حصائد ذنوبهم وجزاء ما كسبت أيديهم، ولما كثرت المعاصي في هذا الزمن وتنوعت.

كثرت بذلكم المصائب وتسارعت، ولا زلنا بين فترة وأخرى نسمع عن زلازل وبراكين وفيضانات وأعاصير وأوجاع وأمراض، فيا إخوة الإيمان حري بنا ونحن نرى نذر الجبار هنا وهناك أن تستيقظ نفوسنا من غفلتها وتلين قلوبنا من قسوتها وتجري مدامعنا تعظيما وإجلالا لله تعالى، وحري بنا ونحن نرى هذه الفواجع أن نتوب من خطايانا ونصحح مسارنا ونستغفر ربنا، وأن نذكر أنفسنا ونذكر الآخرين بعقوبة الجبار وشدة بأسه وغيرته على محارمه، فيا عباد الله إن ما يحدث لنامن الرياح عبرة عظيمة قد وجه الله إليها الأنظار بالإعتبار فهل إعتبرنا بما شاهدنا ولا زلنا نشاهد؟ وهل حاسبنا أنفسنا؟ فيا عباد الله، ومن أهم الأسباب التي تستدفع بها الأمة الكوارث عنها إزالة رايات الفساد والإفساد المستعلنة وإنكار المنكر والأخذ على أيدي السفهاء الذين يخرقون سفينة مجتمعنا.

بمسامير الشهوات و بمطارق الشبهات، والأخذ على أيديهم ومنع فسادهم وإفسادهم حلقة من حلقات الإصلاح وصمام أمان من العقوبات الإلهية، أما إذا علت المنكرات وكثر سوقها وصلب عودها ولم يوجد النكير فإن العقوبة عامة سيهلك الأخيار بجريرة الفجار، فتسأل السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهلك وفينا الصالحون؟ قال ” نعم إذا كثر الخبث”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock