عربي وعالمي

الثقافة فى جندوبة بتونس بين واقع يئن ووطأة الإهمال

بقلم الاعلامي محمد السعيدي

في الوقت الذي يُنتظر فيه من الثقافة أن تكون رافعة أساسية للتنمية وبناء الوعي، تعيش ولاية جندوبة وضعًا ثقافيًا يمكن وصفه بـ”الغائب عن الوعي”، وسط صمت رسمي وعزوف جماهيري مبرَّر، وتجاهل مستمر من طرف السلط الجهوية والمركزية على حد سواء.

 بنية تحتية مهملة… وقاعات بلا حياة

في قلب مدينة جندوبة، تقف قاعة العروض الثقافية كشاهد على تدهور الواقع الثقافي، قاعة بلا مقاعد منذ أكثر من عشر سنوات، لم تُرمم، ولم تُفعل، وكأنّ الثقافة ليست أولوية، بل عبء على الميزانية المحلية.

أما مركز الفنون الدرامية والركحية، الذي كان يُفترض أن يكون منارة للفن الرابع بالجهة، فقد ظل منذ افتتاحه حبيس الوعود والجمود، دون أن نرى له نشاطًا فعليًا أو أثرًا ملموسًا في المشهد الثقافي المحلي. فمن المسؤول؟ وأين ذهبت الميزانيات؟ ولماذا هذا الصمت أمام هذا الخلل الواضح؟

تزخر جندوبة بطاقات شبابية مبدعة في المسرح، الموسيقى، الرسم، الشعر، والكتابة.

لكنهم يجدون أنفسهم محاصرين بإكراهات يومية: لا قاعات مهيأة، لا تمويل، لا تأطير، ولا اهتمام من الجهات الثقافية المعنية.

حتى الجمعيات الثقافية تعاني من صعوبات جمة في التمويل والتسيير، ما يدفع بعضها إلى الجمود أو التحول إلى مجرد أسماء على الورق.

ليست جندوبة استثناءً في تونس، بل هي مرآة لما تعانيه بقية الجهات الداخلية من تهميش ثقافي ممنهج، حيث تُترك العاصمة والساحل يستأثران بالنصيب الأكبر من الأنشطة والموارد، بينما تتوارى الجهات الغربية خلف الجبال، محرومة من حقها في الفعل الثقافي والتعبير الفني.

إن الثقافة ليست ترفًا، بل حقٌّ دستوري ومجتمعي، وهي السبيل لبناء وعي نقدي ومجتمع متوازن. وجندوبة، بتاريخها ونضالاتها ورموزها الفكرية، لا تستحق أن تكون في هذا الوضع المزري. فهل من أذن صاغية؟ وهل من مسؤول غيور؟ أم سيبقى المشهد الثقافي في جندوبة بلا عنوان… وبلا كراسي؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock