صحف وتقارير

الجنيه ينتفض

جريدة الصوت

بقلم – احمد شتيه

شهدت أسواق الصرف فى مصر خلال الأيام الماضية انخفاضاً ملحوظاً فى سعر الدولار أمام الجنيه المصرى، حيث تراجع الأخضر بأكثر من جنيهين فى وقت قصير، وهو ما أثار حالة من الجدل والتساؤلات بين الخبراء والمواطنين على حد سواء .
ما الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع؟ وما هى انعكاساته على الاقتصاد المصرى والمجتمع؟ وهل يمكن أن يستمر هذا الهبوط فى الأيام القادمة؟

يُرجع الخبراء هذا الانخفاض إلى عدة عوامل متداخلة: منها تحسن التدفقات الدولاريةو دخول استثمارات جديدة، بجانب ارتفاع إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، مما دعم المعروض من العملة الصعبة.
اتفاقيات التمويل الدولية: الحصول على شريحة جديدة من القروض أو التسهيلات الائتمانية من المؤسسات الدولية، ساعدت على زيادة الاحتياطي النقدى.
سياسات البنك المركزى: اتباع سياسات نقدية أكثر صرامة للحد من التضخم، مع تعزيز الثقة فى العملة المحلية.
انكماش الطلب على الدولار: نتيجة تراجع فاتورة الاستيراد نسبياً فى ظل إحلال بعض الصناعات المحلية محل المستورد.

انخفاض سعر الدولار يحمل أبعاداً اقتصادية متعددة، أهمها: تراجع أسعار السلع المستوردة مما قد يخفف جزئياً من الضغوط التضخمية على المواطنين.
تعزيز قيمة الجنيه: بما ينعكس على ثقة المستثمرين فى السوق المصرية.
دعم الصناعات المحلية: عبر تقليل تكلفة استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

لكن فى المقابل، قد تواجه بعض القطاعات مثل التصدير تحدياً نتيجة ارتفاع قيمة الجنيه، مما قد يقلل تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق الخارجية.

على الصعيد السياسى، يعزز هذا التراجع صورة الدولة أمام المؤسسات الدولية والمستثمرين، باعتباره مؤشراً على استقرار السياسات الاقتصادية وقدرتها على السيطرة على سوق الصرف.
أما اجتماعياً، فقد انعكس الانخفاض على حالة من التفاؤل الحذر لدى الشارع المصرى، إذ ينتظر المواطنون أن تترجم هذه المؤشرات إلى انخفاض حقيقى فى أسعار السلع والخدمات، وليس مجرد أرقام على شاشات البنوك.

يبقى السؤال الأبرز: هل يستمر الدولار فى التراجع؟
يرى محللون أن استمرار الانخفاض مرهون بعدة عوامل، أبرزها قدرة الدولة على الحفاظ على تدفقات النقد الأجنبى، ونجاح السياسات الحكومية فى ضبط السوق، إلى جانب تحسن المناخ الاستثمارى وزيادة الإنتاج المحلى وفى حال تحقق ذلك، قد نشهد استقراراً وربما مزيداً من الانخفاض التدريجى.

ما يحدث اليوم ليس مجرد تراجع فى سعر الدولار، بل هو اختبار حقيقى لصلابة الاقتصاد المصرى، ومدى قدرة الحكومة على تحويل هذا المكسب النقدى إلى تحسن ملموس فى حياة المواطن ومواجهة التحديات الخارجية الناتجة عن انخفاض ايرادات قناة السويس والحروب التى تحيط بالمنطقة وقدرة الحكومة على توفير بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات والتدفقات النقدية وتقليل الاعتماد على الدولار من خلال الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock