فن وثقافة

الحرب الباردة وتعرية القيم العربية

بقلم -أنور شوشة

سقوط الذكر العربي وتحويله من حام إلى متفرج
وليس الرجل فالرجال لا تسقط في بحور الاغواء
فبعد أن فرغ الغرب من إسقاط حصن المرأة التفت إلى الجدار الآخر الذي يحميها أو بمعنى أدق اخر جدار لها كان من الممكن التشبث به وتحتمي بظله أنه الرجل والرجل العربي هو عمود الأسرة وصاحب القرار
ومصدر الغيرة والكرامة فإذا انهار انهار البيت كله.
وللأسف لم يكن إسقاطه صعبا كما كانوا يظنون
فقد صنعوا له طريق الانحلال بذكاء وألبسوه ثوب الحرية و الرجولة الحديثة حتى صار يفاخر بما كان بالأمس عارا عليه و يخجل منه. فقد صار الرجل العربي اليوم إلا من رحم ربي لم يعد يزن الأمور بميزان الدين أو الشرف بل بميزان الشهوة والمظاهر.
صار يظن أن رجولته تقاس بعدد متابعيه لا بمقدار مسؤوليته وبشكل عضلاته لا بثقل عقله.
فقد مهابته حين باع غيرته وفقد كرامته حين سمح لغيره أن يشارك نظراته في جسد زوجته.
لقد نزعوا منه نخوته كما تنتزع الروح من الجسد
وجعلوه يصفق لانحلال زوجته أو أخته تحت شعار الثقة والحرية الشخصية.
حتى صار بعضهم لا يغار بل يروج لانحرافه ويبرر الدياثة بأنها تفاهم أو أسلوب حياة. حتى سقط الحياء من قلبه
فلم يكن هذا السقوط وليد لحظة بل كان مخططا طويل المدى.
ففي الدراما صور الرجل الغيور على أنه متخلف متحجر والمتحرر المنفتح هو المثقف المتطور.
و في الإعلام ربطت الرجولة بالمال والشكل لا بالشرف والمسؤولية.
وفي مواقع التواصل تحولت الخيانة إلى تجربة. والانحلال إلى تحرر والتبادل بين الأزواج إلى نمط حياة جديد هكذا تحطمت جدران الغيرة في نفوس كثيرين حتى صار بعضهم يمارس الفاحشة علناى ويبررها باسم الحضارة والانفتاح.
حتى أصبح الأمر كما يريدون وأصبح هو من رجلٍ يحمي إلى رجل يبيع
فقد انقلبت المعادلة؛
الرجل الذي كان يغار على زوجته صار يسوق جسدها ليكسب مالا أو شهرة.
الذي كان يطرد الفاحشة من بيته صار يستضيفها بنفسه.
الذي كان يرى في العرض خطا أحمر صار يراه فرصة استثمار.
فما بين المقاهي والحفلات والحياة المزدوجة على الشاشات ضاعت صورة الرجولة الحقيقية.
وبات الرجل في كثير من البيوت ذكرا لا قائدا.
تابعا لا حاميا، صامتا لا مسؤولا. والنتيجة كانت
سقوط الرمز الذي كان سندا لمن حوله و لم تعد هناك حصون تقاوم.
وأصبحت المرأة بلا حماية والأسرة بلا قيادة والمجتمع بلا ضمير.
تحولت الرجولة إلى شعار بلا مضمون وتحولت الغيرة إلى مادة للسخرية.
وهكذا خسرنا آخر قلاع القيم حين باع الرجل نفسه وبيته وشرفه مقابل لذة أو مال أو إعجاب زائف.
و ربح الغرب حين جعل من الرجل العربي ديوثا على أهله وساقه إلى الخطيئة وهو يظن نفسه متحضرا.
لكن الأمل لم يمت بعد فكما سقط يمكن أن ينهض.
لن يعيد مجد الرجولة إلا رجل يعيد لنفسه غيرته ويفهم أن الكرامة لا تشترى وأن من فقد غيرته فقد رجولته
ومن باع عرضه فقد وطنه.
فالرجل الحقيقي لا يقاس بما يملك بل بما يحمي.
وما لم نرب أبناءنا على هذه الحقيقة، فسنظل نلد ذكورا لا رجالا.
بقلم
عاشق القلم
أنور شوشة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock