الحية في شرم الشيخ: رسالة تحدِ و قوة على أرض مصر
بقلم احمد شتيه باحث فى الشأن الاستراتيجى والامن القومى

شهدت مدينة شرم الشيخ أمس حدثًا لافتًا حينما ظهر القيادي البارز في حركة “حماس” خليل الحية في مكان مفتوح للمرة الأولى منذ محاولة اغتياله قبل أشهر، حيث أدلى بتصريحات حصرية لوسائل إعلام مصرية، تحدث فيها عن جهود القاهرة في تثبيت الهدنة، ودعمها المستمر للمصالحة الفلسطينية ومسار التهدئة.
وجاء ظهور الحية في مدينة شرم الشيخ فى مكان مفتوح، بعد فترة طويلة من التواري عن الأنظار، ليحمل أكثر من دلالة سياسية وأمنية، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من تحركات مكثفة لإحياء المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، برعاية مصرية خالصة.
وبدا الحية في حديثه مطمئنًا وواثقًا، مؤكدًا على “عمق العلاقة مع مصر ودورها التاريخي في حماية القضية الفلسطينية”.
ويرى مراقبون أن هذا الظهور يحمل رسالة مزدوجة: الأولى موجهة إلى الداخل الفلسطيني، بأن قيادة حماس ما زالت قوية وفاعلة رغم محاولات استهدافها، والثانية إلى المجتمع الدولي، بأن الحوار مع الحركة مستمر بوساطة القاهرة التي أثبتت قدرتها على جمع كل الأطراف على أرضها.
يأتي هذا الحدث بينما تتحرك مصر بقوة لإعادة ضبط المشهد في قطاع غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار بالتوازي مع جهود سياسية تهدف إلى تحقيق تهدئة دائمة وتخفيف المعاناة الإنسانية. ومن ثم فإن اختيار شرم الشيخ – رمز الدبلوماسية والسلام – مكانًا لهذا الظهور، ليس تفصيلاً عابرًا، بل يعكس ثقة مصر في دورها الوسيط وحرصها على إظهار قدرتها على حماية واستضافة الشخصيات الفلسطينية البارزة.
إن اختيار سيناء، وبالتحديد شرم الشيخ، كمكان مفتوح لظهور خليل الحية يحمل دلالة أعمق من مجرد لقاء إعلامي ، فسيناء كانت ولا تزال رمزًا للأمن والسيادة المصرية، وظهور شخصية مهددة بالاغتيال على أرضها، في منطقة مفتوحة وتحت أنظار الإعلام، يمثل رسالة تحدٍ واضحة لإسرائيل مفادها أن مصر قادرة على حماية أي شخص داخل أراضيها، وأن يدها الأمنية قوية بما يكفي لتأمين كل من يوجد على ترابها، مهما كان حجم التهديدات.
كما يعكس هذا الظهور ثقة القيادي الفلسطيني في الحماية المصرية، ويؤكد مكانة القاهرة كضامن أمني وسياسي لا يمكن تجاوزه في الملف الفلسطيني.
إن ظهور خليل الحية في شرم الشيخ في هذا التوقيت الحساس ليس مجرد عودة إعلامية، بل هو تعبير عن عودة التوازن السياسي في المنطقة بعد شهور من التوتر. مصر تؤكد من جديد أنها المحور المركزي في أي تسوية تخص الملف الفلسطيني، وأنها قادرة على ضمان الأمن لكل من يشارك في مسار السلام من على أراضيها.
كما أن الحية – من جانبه – أراد أن يبعث برسالة واضحة: أن محاولات إسكاته باءت بالفشل، وأن صوت القضية الفلسطينية سيبقى حاضرًا، خصوصًا من قلب الدولة التي كانت وما زالت حاضنة للقضية وشريكًا أساسيًا في مسارها السياسي.