الدبلوماسية المصرية: القوة الهادئة في مواجهة مخططات التهجير وجرائم الاحتلال
جريدة الصوت

بقلم- احمد شتيه
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، برز الدور المصري كفاعل محوري فى إدارة الأزمة، ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل أيضًا في الساحة الدولية، حيث نجحت القاهرة في فرض رؤيتها الدبلوماسية كحائط صد أمام مخططات تهجير الفلسطينيين، وفي إعادة تصحيح الصورة أمام الرأي العام العالمي.
في وقت سعى الاحتلال إلى التلاعب بالسرديات وتوجيه أصابع الاتهام لمصر بشأن عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، تحركت الدبلوماسية المصرية بسرعة لتوضيح الحقائق، مؤكدة أن السبب الرئيسي هو الإجراءات التعسفية الإسرائيلية عند المعابر، والقصف المستمر الذي استهدف شاحنات المساعدات. بذلك، استطاعت القاهرة أن تفضح أمام العالم من يقف حقًا وراء الأزمة الإنسانية، وأن تثبت أن مصر ظلت دائمًا بوابة الدعم والإغاثة للشعب الفلسطيني.
كما جاء ذلك في رسالة عملية عن طريق التحركات الدبلوماسية والتى تعكس التزامها بالقضية الفلسطينية حيث استضافت مصر رئيس الوزراء الفلسطيني أمام معبر رفح لتأكيد أن القاهرة لم ولن تكون عائقًا أمام دخول المساعدات، بل على العكس، هي الداعم الأكبر لغزة في أصعب الظروف.
وفي خطوة موازية، حرص وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على اصطحاب مذيعة شبكة CNN العالمية إلى المعبر نفسه، لعرض المشهد على الطبيعة أمام الإعلام الدولي، وكشف للرأي العام العالمي أن من يعرقل تدفق المساعدات الإنسانية هو الاحتلال الإسرائيلي وليس مصر.
وجاءت رسالة مصر القوية حول تأمين السفارات والرموز المصرية بالخارج إدراكًا لحساسية الموقف وتزايد الاستهدافات المرتبطة بالصراع، أولت الدولة المصرية أهمية قصوى لتأمين بعثاتها الدبلوماسية وسفاراتها في الخارج، وذلك في مواجهة محاولات التشويه أو الاعتداءات التي قد تنعكس على صورة مصر ودورها المحوري.
لم تتوقف الجهود المصرية عند حدود رفض التهجير أو كشف التضليل الإسرائيلي، بل امتدت إلى مبادرات عملية للتوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في غزة، يقوم على التهدئة وفتح ممرات إنسانية آمنة. فمصر بما لها من ثقل تاريخي وقنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف تواصل وساطاتها مع الفصائل الفلسطينية، وإسرائيل، والشركاء الدوليين، لتفادي اتساع دائرة الحرب وحماية المدنيين.
كما لعبت القاهرة دورًا محوريًا في نقل صورة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني إلى المجتمع الدولي، سواء عبر تحركاتها في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من خلال التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية .
الدبلوماسية المصرية أثبتت أنها “قوة هادئة” قادرة على إدارة الأزمات الكبرى بخبرة وحنكة، مستندة إلى تاريخ طويل من دعم الحقوق الفلسطينية.
وفي مواجهة التهجير، وجرائم الاحتلال، والتضليل الإعلامي، تقف مصر اليوم كصوت العقل والعدالة في المنطقة، حاملة رسالتها بأن أمن فلسطين جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وأن الحق لا يسقط مهما طال الزمن.



