عربي وعالمي

الدور الخفي وراء تصعيد إثيوبيا ضد مصر

كتب/ أيمن بحر

تشهد منطقة القرن الافريقى حالة غليان متصاعدة فى ظل تحركات اقليمية ودولية تستهدف تقويض النفوذ المصرى داخل عمقه الافريقى حيث تواجه اثيوبيا ازمات داخلية معقدة تتمثل فى صراعات قبلية وحركات تمرد ضد سلطة ابي احمد وتنامي الاحتقان السياسي مع هيمنة الامهرة فى اديس ابابا

في هذا المشهد المضطرب تجد اثيوبيا نفسها مدفوعة نحو مسار تصادمى مع مصر بدعم اطراف خارجية تسعى لاعادة رسم خريطة النفوذ فى القرن الافريقى وفى مقدمتها اسرائيل التى تعمل على توظيف الازمات الاثيوبية لضرب المصالح المصرية وخلق واقع جديد يسمح بالتحكم فى البحر الاحمر ومنافذ الملاحة الاستراتيجية

الدور الاسرائيلى فى المنطقة ليس وليد اللحظة بل يمتد لعقود طويلة حيث ركزت تل ابيب على تعزيز نفوذها الامنى والاقتصادى فى دول القرن الافريقي مستفيدة من فترات تراجع الحضور المصرى فى افريقيا خاصة منذ ثمانينيات القرن الماضى وقد شمل هذا النفوذ مجالات الزراعة والري والطاقة والتكنولوجيا والامن والتسليح

اعتمدت اسرائيل على مزيج من القوة الناعمة عبر المساعدات والتدريب والدعم الفنى والقوة الصلبة من خلال تصدير السلاح والتنسيق الاستخباراتي والشركات الامنية الخاصة ما مكنها من التغلغل العميق داخل دول محورية مثل اثيوبيا وكينيا واوغندا واريتريا

كما ضخت استثمارات كبيرة فى مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح باعتبار ان السيطرة على الطاقة باتت احد مفاتيح السيطرة السياسية فى الصراعات الحديثة وقد توسعت هذه المشروعات فى عدة دول افريقية من بينها اثيوبيا بما يعزز قدرة اسرائيل على التأثير في القرار السيادي لهذه الدول

العلاقة بين اسرائيل واثيوبيا توصف بانها استراتيجية وقديمة الجذور اذ تعود الى خمسينيات القرن الماضي بدعم من الجالية اليهودية الصهيونية داخل اثيوبيا غير ان هذا النفوذ كان يواجه في السابق ثقل الدور المصري الافريقي خلال حقبة جمال عبد الناصر قبل ان يتراجع لاحقا

ومع تراجع الحضور المصري تحولت اثيوبيا الى بوابة اسرائيلية للتأثير في الاتحاد الافريقي والقرن الافريقي وهو ما يمنح تل ابيب قدرة غير مباشرة على الضغط في ملفات حيوية تتعلق بملاحة البحر الاحمر وباب المندب وقناة السويس

وتزايد التنسيق الاسرائيلي الاثيوبي بشكل ملحوظ منذ اوائل التسعينيات خاصة بعد الحرب بين اثيوبيا واريتريا حيث قدمت اسرائيل دعما عسكريا واستخباراتيا واسعا واستمر هذا التعاون ليشمل دعم اثيوبيا في مشروع سد النهضة ضمن رؤية اسرائيلية اوسع للتحكم في منابع المياه وتجارة النيل

وفي ظل هذا الدعم تلعب اثيوبيا لعبة شديدة الخطورة مع مصر عبر تصعيد سياسي واستراتيجي يستهدف تقويض الامن المائي المصري واشعال صراع نفوذ في افريقيا بدفع وتخطيط من قوى خارجية ترى في الصدام مع مصر مدخلا لاعادة تشكيل موازين القوة في المنطقة

ان كشف هذه الادوار وفهم المحركات الحقيقية للصراع يعد خطوة اساسية لتفادي الوقوع في فخ العداء مع الشعوب الافريقية بينما يبقى التحدي الحقيقي في مواجهة من يدفع اثيوبيا نحو التصعيد حيث تنظر قطاعات واسعة داخل الفكر الاثيوبي الى مصر كخصم تاريخي وهو ما يجعل فرص التفاهم محدودة ويضع الصراع في اطار وجودي مفتوح على كل الاحتمالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock