عربي وعالمي

 الرئيس الامريكي ترمب يحاول تصفية القضية الفلسطينية

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبي

 

في عالم تتسابق فيه القوى الكبرى لكتابة مصير الشعوب، تأتي التصريحات الأميركية كأنها أوامر نافذة، لا تخضع للنقاش ولا تعترف بالحقوق التاريخية. 

لكن حين قرر ترمب إعادة رسم خريطة المعاناة في غزة، لم يكن الصمت هو الرد، بل اشتعلت العواصم بالرفض، من شوارع أوروبا إلى أروقة الأمم المتحدة، ومن مواقف الحكومات العربية الرافضة إلى أصوات الشعوب الغاضبة. 

لم تكن غزة مجرد ملف سياسي يساوم عليه، بل قضية عادلة لا تسقط بالتقادم، وأمام هذا الإصرار، بات واضحا أن محاولات تصفيتها لن تمر دون مقاومة. 

مصر أكدت على لسان وزير خارجيتها بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من تولي مهامها في قطاع غزة باعتبارها جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما أشارت السعودية إلى أن موقفها تجاه قيام دولة فلسطينية غير قابل للتفاوض وأنها ترفض محاولات التهجير، في حين شددت جامعة الدول العربية على أن تصريحات ترمب التي تتضمن ترويجا لسيناريو تهجير الفلسطينيين مرفوضة على الصعيدين العربي والدولي. 

أوروبيا، أكدت ألمانيا ان قطاع غزة مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية ملك للفلسطينيين وطردهم غير مقبول، وطالبت بريطنيا بضرورة ضمان مستقبل مشرق للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية وأن يزدهروا في وطنهم، ورفضت فرنسا دعوات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة واعتبرته انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. 

وفي أميركا اللاتينية، قالت البرازيل إن اقتراح الرئيس الأميركي لا معنى له، وإن الفلسطينيين هم الوحيدون الذين لديهم الحق في العيش بقطاع غزة وإعادة إعماره. 

وفي ضوء تلك المواقف الرافضة يبرز التساؤل: هل يمكن للصوت الدولي أن يغير شيئا، أم أن إرادة الأقوياء ستظل تعيد إنتاج النكبة بطرق جديدة؟ 

فاليوم، تعود محاولات تصفية القضية الفلسطينية برداء جديد، حيث يعاد إنتاج النكبة بأساليب أكثر دهاء، دون حاجة إلى قوافل التهجير القسري أو المجازر المباشرة، إنها التصفية الناعمة، حيث يحل الضغط الاقتصادي محل القنابل، ويستبدل الحصار بالتهجير الطوعي، وتتحول قضية شعب مناضل إلى مجرد مشكلة إنسانية تنتظر حلول المانحين، لا انتفاضات الثائرين، فهل ينجح الفلسطينيون في كسر هذا المخطط كما أفشلوا قبله كل محاولات الاقتلاع؟

 

نسخة من بن غفير وسموتريتش 

حول هذا الموضوع دارت نقاشات الجزء الأول من حلقة اليوم الأربعاء ببرنامج «مدار الغد» الذي يعرض عبر قناة «الغد»، وفيه قال وزير الإعلام الفلسطيني الأسبق، الدكتور نبيل عمرو، إنه فوجئ بما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشان الاستيلاء على قطاع غزة. 

وأضاف من رام الله: «مَن يقول ويعلن في أثناء حملته الانتخابية وفي الأيام الأولى لرئاسته للبيت الأبيض إنه سينهي الحروب، وخصوصا في الشرق الأوسط، وسيدخل إلى عالم جديد وشرق أوسط جديد قائم على التعايش والأمن والعدالة، وبعد ذلك يصبح نسخة طبق الأصل من وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، ووزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، فهذا بالطبع مفاجئ». 

وأشار إلى أننا «قدَّرنا أنه بعد صفقه القرن، والإجماع الدولي والإقليمي والعربي والفلسطيني على رفضها واعتبارها غير مؤهلة لحل القضية الفلسطينية، عندما جاء للمرة الثانية إلى البيت الأبيض كان يجب أن يتوازن أكثر». 

وتابع أن «المشكلة أنه طرح مشروعا يؤدي إلى تأجيج الصراع في الشرق الأوسط، وإلى نقل الصراع من دائرته الفلسطينية الغزية وفي الضفة أيضا، إلى مصر والأردن والعالم العربي، فالآن لم تعد القضية قضية تضامنية مع حقوق الشعب الفلسطيني، بل أصبحت دفاعا عن النفس وعن الأمن القومي، وعن كل ما يعني الشعوب في تلك المنطقة».

 

إعلان ترمب بشأن غزة سيؤجج الصراع

من جهته، قال الخبير في السياسية الخارجية الأميركية، بليز ميشتال، إنه كان مندهشا من هذه التصريحات، فما قاله ترمب شيء مختلف لم يقله من قبل، وهذه فكرة جديدة في السياسة الأميركية برمتها. 

وأضاف من واشنطن، متسائلا: «ما الذي يعنيه بذلك؟ فنحن نعلم أن الرئيس ترمب يعتبر أحد رجال الصفقات، فهو يحب الصفقات، ويحب أن يشارك في الاتفاقات المختلفة، ولكن ما الذي يريده من ذلك؟ وما هي النية من هذه التصريحات؟»، مشيرا إلى أن «هناك الكثير من الآراء، يمكن أن يكون ترمب يريد الاستفادة من قطاع غزة، ويمكن أن يكون تهديدا للجميع، ليس فقط للدول التي تخالف كلامه، ولكن أيضا للمكسيك وغيرها من الدول». 

وتابع: «السؤال هنا: هل هذه الخطة خطة جدية أم أن هذه مجرد محاولة من أجل أن يخرج بمصالح من غزة، وبالنسبة لي فأنا أعتقد أنها قد تكون صفقة، أو جزء منها صفقة وجزء منها حقيقة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock