صحف وتقارير

السعودية والإمارات .. الفتنة من الخلف وتماسك الأشقاء فى الواجهة

أيمن بحر

فى لحظة إقليمية شديدة الحساسية جاءت التطورات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لتكشف حجم التعقيد الذى يحيط بالمشهد العربى فى ظل محاولات متواصلة لإشعال الخلافات بين الأشقاء وهى محاولات ظلت إسرائيل تسعى إليها منذ سنوات ضمن مخطط أوسع يهدف إلى إضعاف التماسك العربي وفتح المجال أمام الهيمنة على الخليج والشرق الأوسط من خلال إدارة الصراعات من الخلف والبقاء بعيدا عن دائرة الاتهام المباشر
البيان الإماراتى الأخير الذي عبّرت فيه أبوظبى عن أسفها لما ورد فى البيان السعودى بشأن تطورات الملف اليمني حمل فى مضمونه رسالة سياسية واضحة تؤكد أن الخلافات إن وجدت لا تمس جوهر العلاقة الاستراتيجية بين البلدين ولا تنال من الثوابت الراسخة التي تحكمها وفى مقدمتها اعتبار أمن واستقرار المملكة العربية السعودية أولوية ثابتة لا تقبل المساومة
الإمارات شددت بوضوح على رفضها القاطع لأي أعمال من شأنها تهديد أمن السعودية أو زعزعة استقرار الإقليم مؤكدة أن العلاقات الأخوية بين البلدين تشكل حجر الزاوية فى معادلة الأمن الإقليمى وأن أى قراءة خارج هذا الإطار تصب في مصلحة أطراف تسعى إلى بث الفتنة وتقويض الاستقرار
وفيما يتعلق بالساحة اليمنية أوضحت أبوظبي أن تحركاتها في محافظتي حضرموت والمهرة جاءت في سياق احتواء التوتر ودعم مسارات التهدئة وحماية المدنيين وذلك بالتنسيق الوثيق والمستمر مع الرياض وهو ما يعكس حرص الجانبين على إدارة الملف اليمني بعقلية الشراكة لا الصدام
الموقف الإماراتي أعاد التأكيد على أن نهجها في اليمن يقوم على دعم الحلول التي تعزز الاستقرار وتحد من التصعيد وتحافظ على أمن المنطقة وشعوبها ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية مع السعودية وهو ما يفند محاولات الزج بالخلافات في سياق أوسع يخدم أجندات خارجية
اللافت في هذا التوقيت أن أي تصعيد إعلامي أو سياسي بين دولتين بحجم وتأثير السعودية والإمارات لا يمكن فصله عن محاولات مستمرة لإعادة تشكيل المنطقة عبر تفكيك التحالفات العربية وإضعاف مراكز الثقل وهو ما يتطلب وعيا سياسيا عميقا بأن الخلافات العابرة يجب أن تدار داخل البيت العربي بعيدا عن أعين المتربصين
ما جرى يؤكد أن التنسيق السعودي الإماراتي يظل صمام أمان حقيقيا لأمن الخليج والمنطقة وأن الحفاظ عليه ليس خيارا سياسيا فحسب بل ضرورة استراتيجية في مواجهة مشاريع الفوضى وإشعال الفتن التي تستهدف وحدة الصف العربي واستقراره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock