متابعة / محمد نجم الدين وهبى
كانت الفتاة الفلسطينية، ميساء الغندور، تحلم بأن تصبح طبيبة أو معلمة، إلى أن فقدت بصرها قبل أسبوعين تقريبا في غارة إسرائيلية على غزة التي مزقتها الحرب الستمرة منذ 10 اشهر.
وقالت ميساء، البالغة من العمر 14 عاما: «كنت نفسي أما أكبر أطلع دكتورة أطلع مديرة، هالحين (الآن) أتمنى الموت، بطلنا نعيش زي ما كنا نعيش في غزة، هالحين نتمنى الموت، حياتنا صارت موت».
وقالت عائلتها إن ميساء أصيبت في قصف مدفعي إسرائيلي على مدرسة عيلبون في بلدة القرارة، شرق مدينة خان يونس، بقطاع غزةـ يوم 26 يوليو/ تموز الماضي.
وأضافت ميساء: «نظري راح، بطلت أشوف بعنيا (فقدت البصر)، و(يوجد) شظيات في صدرنا وبطونا ووجوهنا، بتمنى يطلعونا برة يعالجونا، هنا مفيش علاج، بتمنى الناس تسمعنا ونصير نشوف بعنينا».
كما أصابت الشظايا شقيقتها يارا البالغة من العمر 9 أعوام، وشقيقها محمد، الذي يبلغ عمره 11 عاما.
نزوح متكرر
وكانت العائلة قد لجأت إلى المدرسة بعد نزوحها مرات عدة نتيجة العدوان الإسرائيلي، الذي تقول السلطات الصحية في غزة إنه أسفر عن استشهاد 39 ألفا و677 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 91 ألفا و645 آخرين.
وبدأت الحملة الإسرائيلية عقب عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقالت العائلة إن يوم الهجوم في القرارة بدأ كالمعتاد نوعا ما.
وقالت يارا، التي فقدت البصر في إحدى عينيها خلال الهجوم: «بقينا حلوات وقمر، وبقينا نلعب مع صاحباتنا، روحنا إحنا بقينا بالمدرسة رموا علينا قذيفتين وصرنا زي هيك»، في إشارة لما حدث لها ولشقيقتها وشقيقها من تشوهات وفقدان بصر نتيجة الشظايا.
وجلست علا الغندور، والدة الفتاتين بجانب ميساء وهي تبكي، وعرضت أمام الكاميرا صورة على هاتفها لميساء قبل الإصابة، كما أصيب ابنها الأصم محمد الغندور بجرح في الرأس.
وقالت الأم: «خشت (تقدمت) الدبابات ورموا قذيفة ورجعوا رموا كمان قذيفة، هاتين القذيفتين حرقونا وحرقوا ولادي ميسا الغندور ويارا الغندور ومحمد الغندور، فأصابتهم حرايق وأصابتهم القذايف، الشظايا يعني، أصابت روسهم (رؤوسهم) وأنا كمان أصبت في راسي ورقبتي ووجهي».
وأضافت علا الغندور: «نفسي الأطفال يرجعوا زي ما كانوا، ميسا ترجع حلوة زي ما كانت، كتير هما اتشوهوا وفقدت النظر وعينيها بطلت تشوف فيهم (لم تعد ترى بعينيها)، ويارا كذا الأمر نظرها راح بالمرة، واتشوهت بالمرة، يعني راح جمالها ومحمد كذا الأمر، في راسه فتحة ومش عارفة لسه أيش (ماذا) يحصل فيهم».
أوضاع كارثية
وبالإضافة إلى القصف، يواجه الفلسطينيون أزمة إنسانية تتمثل في نقص حاد في الغذاء والمياه والكهرباء والعقاقير في إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.
وفي مستشفى ناصر بغزة، تحدثت الممرضة مكرم عوض عن الحالة المزرية التي وصل بها أفراد عائلة الغندور إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وقالت مكرم: «الأطفال يعني قبل يومين، يعني أنه وصلتنا أنه وصل بهم الحال أن الدود بيطلع من راس الأطفال، أجينا يعني إحنا عملنا اللازم بالامكانيات المتواضعة اللي عنا (لدينا)، يعني باحيكلك (كما أقول لك)، يعني إحنا فيش عنا شاش مفيش، بلاستر مفيش أدنى مقومات العلاج أن نمشي مع الأطفال، لدرجة باحيكلك أن الدود طلع من راس الطفل وهو حي ومصاب».
وأضافت : «أنا بأناشد كمان كل ضمير حي إنهم بس يساعدوا المستشفيات أنها تمشي الوضع (أنها توفر الحد الأدنى من مقومات العلاج) مع الأطفال زي هيك (مثل هؤلاء)».