في زمن الانتخابات تتغير ملامح المشهد الإعلامي وتنكشف حقيقة كل قلم من يكتب لله وللوطن ومن يكتب للجيب والمصلحة فالمواسم الانتخابية ليست مجرد صراع مرشحين بل اختبار ضمير للصحفي نفسه هل يختار أن يكون شاهدًا على الحقيقة أم شريكًا في تزوير الوعي
في أوقات كهذه يسهل على البعض بيع الكلمة لمن يدفع أكثر يبدلون المواقف كما يبدلون اللافتات يكتبون حيث تكون الفائدة لا حيث تكون الحقيقة يتحدثون عن المهنية وهم أول من خنقها في المكاتب المكيفة بين صفقات المال السياسي وأوامر الداعمين هؤلاء لا يمثلون الصحافة بل يمثلون سقوطها
الصحفي الحقيقي لا يقف في صف أحد إلا صف الوطن لا ينحاز إلا للصدق ولا يكتب إلا بما يمليه عليه ضميره حين يكتب لا ينتظر مكافأة ولا يخشى خصومة لأن قلمه ليس سهمًا في يد مرشح بل سيف في وجه الباطل مهما تلون.
الحياد ليس أن تصمت أمام الفساد ولا أن تساوي بين الشرف والانتهازية بل أن تقول ما تراه حقًا وتكشف ما يُراد له أن يُخفى لأن الصمت خيانة والادعاء بالحياد في وجه الباطل تواطؤ الصحفي المهني لا يختبئ وراء الكلمات الناعمة ولا يتزين بالموضوعية الزائفة بل يواجه الواقع بجرأة من يعرف أن للكلمة ثمنًا وأنه مستعد لدفعه.
في مصر اليوم المعركة ليست فقط على المقاعد بل على وعي الناس على حقهم في أن يسمعوا الحقيقة بلا تزييف وأن يختاروا بعقولهم لا بما يروجه المرتزقة من عناوين مضللة الكلمة أصبحت جبهة والمعركة لم تعد بين مرشحين بل بين وعي مزيف وضمير حي .
الصحافة الوطنية ليست حيادًا باردًا بل انحياز شريف للحقيقة الصحفي الشريف لا يُستأجر ولا يُشترى لأن كرامته هي رأس ماله وحين يسقط القلم في وحل المجاملة لا يُنقذه التبرير ولا الشعار بل يُنقذه أن يتذكر أن مهنته وُجدت لتكشف لا لتغطي لتسأل لا لتطبل .
وفي النهاية حين تُطوى صفحات الانتخابات لن يبقى من كل هذا الضجيج إلا صوت واحد صوت الصحفي الذي كتب بضمير وقال لا حين كان الصمت أسهل واختار الحقيقة طريقًا حين كانت المصلحة أقصر من أن تُغريه ذلك هو الصحفي الذي يستحق أن يُقال عنه إنه لم ينحز لأحد إلا للوطن .