مقالات وآراء

آفة الكذب أعظم الآثام وأقبحها 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد حفل القرآن الكريم بالعديد من الآيات المباركات التي تحذر من آفة الكذب بداية من الكذب على الله تعالي ورسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم، مرورا بالكذب على العباد إنتهاء بالتحذير من مغبة مخالطة أهل الكذب والتحذير من مآل الكاذبين، وقد بيّن الله تعالى أنه لا أحد أظلم ممن يفتري على الله الكذب، وكما أن تكذيب الرسل من الإفتراء الذي حذر الله تعالى منه، وتوعد الله تعالى من يكذب بآياته بالعذاب في الدنيا والآخرة، فقال تعالى كما جاء في سورة البقرة ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” وأن الله تعالى ما ترك شاردة ولا واردة.

 

إلا بينها وجلاها لكي لا يكون للناس حُجة على الله تعالى، فيا عباد الله اعلموا أن الكذب هو الإخبار بخلاف الواقع، وأعظم أنواعه، وأشنعها الكذب على الله تعالى، والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم فيقول الله تعالى في تحريم الكذب عليه ” فمن أظلم ممن افتري علي الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ” فدلت هذه الآية على أنه لا أحد أظلم ممن كذب على الله، ودلت على أن الكذب على الله يفضي إلى إضلال الناس، وإنحرافهم عن الحق، والكذب على الله تعالي له صور كثيرة منها أن تقول قال الله كذا وكذا والله عز وجل لم يقله، ومنها أن تفسر كلام الله كذبا وإفتراء دون علم، ولا بصيرة، وإنما تفسره إتباعا للهوى بخلاف من إجتهد وهو من أهل الإجتهاد فأخطأ، فالكذب على الله بتحليل ما حرم أو تحريم ما أحل هو من أعظم الآثام وأقبحها.

 

حيث يقول عز وجل في سورة النحل ” ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب ” وذكر الله عز وجل المحرمات فختمها بأشدها فقال تعالي ” وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون ” والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم أمره خطير، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتواتر ” من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” لأن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب على الله، ولأنه يفضي إلى إفساد الدين، وتبديل معالمه بالزيادة أو النقص، فعلى المسلم أن يحذر من رواية الحديث إلا ما علم ثبوته، وليحذر من تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما فسره به أهل العلم من الأئمة المعتبرين، وقد إنتشر بين الناس في رسائل الهواتف والشبكات أحاديث كثيرة مكذوبة أو موضوعة فروايتها من غير التنبيه.

 

على ضعفها من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليتنبه المسلم لذلك، وليسأل عن كل حديث يرد عليه مما يشك فيه، ويلي الكذب على الرسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطورة الكذب على ورثته من العلماء الربانيين بأن ينسب إليهم من الأقوال والفتاوى ما هم برآء منه، إما بسبب ضعف الفهم، وإما بسبب الهوى والرغبة في نشر المقالات الباطلة والمذاهب المنحرفة، وأكثر من يقع في هذا أهل البدع والحزبيات، فإن كثيرا من رؤسائهم لا يتحاشون من الكذب في هذا الباب فضلا عمن دونهم، ثم يلي هذا الكذب ثم يلي هذا الكذب على الناس في الأحاديث والأخبار التي لا تعلق لها بالدين وهو على مراتب فمن أشده الكذب الذي يترتب عليه أخذ حقوق الناس وأموالهم أو يترتب عليه ظلمهم في أعراضهم وغير ذلك والعياذ بالله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock