مقالات وآراء

الطاقة المتجددة… قرار سياسي قبل ما يكون اختيار بيئي

بقلم: طارق فتحي السعدني

العالم مش ممكن يتغير فجأة، لكنه بيتغير بالقرارات.

وفي لحظة زي اللي إحنا فيها دلوقتي، بقت الطاقة المتجددة مش مجرد ملف بيئي أو رفاهية تنموية، لكنها قرار سياسي من الدرجة الأولى، بيحدد مكان الدول على خريطة المستقبل؛ يا إما دولة شايفة لقدّام، يا إما دولة بتجري ورا الزمن وهو سابقها بخطوات.

سنين طويلة اتقال إن الطاقة النظيفة مشروع مكلف، وإن الدول النامية أولى إنها تركّز على النمو السريع حتى لو كان على حساب البيئة.

النهارده الكلام ده سقط. الواقع بيقول إن الاعتماد على الوقود التقليدي بقى عبء اقتصادي وضغط سياسي، ومع كل أزمة عالمية في الطاقة، الدول اللي بتستورد أكتر بتدفع فاتورة أعلى، مش بس فلوس، لكن كمان استقرار.

الانتقال للطاقة المتجددة معناه إن الدولة تمتلك جزء أكبر من قرارها السيادي. الشمس والرياح مش محتاجين استيراد، ومش مربوطين بسوق عالمي متقلب ولا صراعات سياسية.

كل محطة شمس أو رياح هي خطوة لتقليل الاعتماد على الخارج وتقوية الداخل، وده في حد ذاته مكسب سياسي قبل ما يكون بيئي.

اقتصاديًا، الطاقة المتجددة أثبتت إنها استثمار طويل النفس، لكنه مضمون. بتفتح مجالات عمل جديدة، وبتشجّع الصناعة المحلية، وبتخلق سوق تكنولوجيا حديثة. الدول اللي دخلت المجال بدري بقت مصدر خبرة وتكنولوجيا، واللي اتأخر دلوقتي بيدفع تمن التأخير مضاعف.

السياسة هنا مش شعارات خضراء، السياسة إدارة موارد وحساب مكسب وخسارة.

ومع التغير المناخي اللي بقى واقع يومي، من موجات حر لأزمات مياه وغذاء، تجاهل ملف الطاقة المتجددة بقى نوع من سوء الإدارة، مش مجرد اختلاف وجهات نظر.

المواطن البسيط يمكن ما يتكلمش بلغة الانبعاثات، لكنه بيفهم كويس معنى فواتير عالية، وهواء ملوث، وخدمات مضغوطة.

التكنولوجيا موجودة، والحلول معروفة، والتحدي الحقيقي هو الإرادة: إرادة تشريع، وإرادة تمويل، وإرادة تنفيذ. الطاقة المتجددة مش مشروع وزارة واحدة، دي سياسة دولة كاملة، محتاجة تنسيق ووضوح، ورسالة إن المستقبل ليه ثمن، وإن دفعه دلوقتي أرحم بكتير من دفعه بعدين.

في النهاية، السؤال مش: هل الطاقة المتجددة مهمة؟

السؤال الحقيقي: مين هيملك شجاعة القرار؟

لأن اللي هيتأخر النهارده، بكرة هيبقى مضطر، واللي يسبق بخطوة هو اللي هيكسب جولة المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock