
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، لقد وعد الله عز وجل العاصين والمجرمين بعذاب أليم يوم القيامة، ومن هؤلاء المجرمين هم الزناة، فإن لهم عقاب في الدنيا والآخرة، أما عقاب الآخرة،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم شيخ زان ” رواه مسلم وأحمد والنسائي.
فمن لا يكلمه الله تعالي يوم القيامة ولا ينظر إليه، فمن ينظر في حاجته يوم القيامة، فياله من موقف عصيب وشديد، موقف وضع الزناة والزواني أنفسهم فيه بمحض إرادتهم، فمن لم ينظر الله إليه فعاقبته وخيمة، وخاتمته سيئة، ومن لم ينظر الله تعالي إليه فأين مصيره وأين قراره ؟ وهل هو في أعلى عليين ؟ أم في أسفل سافلين ؟ وهل يستوي هؤلاء العصاة مع من إمتثل أوامر الله تعالي وأوامر رسوله المصطفي عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى كما جاء في سورة فصلت ” أفمن يُلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ” وكما قال تعالى كما جاء في سورة يونس” للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون”
فالعاصي هو الأعمى يوم القيامة، وأما المبصر السامع فهو الطائع المتقي، الخائف الوجل، فهذا يمشي بنور الله عزوجل في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة له الأمن من ربه سبحانه، حيث قال تعالى كما جاء في سورة الأنعام ” أوا من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ” وقال تعالى كما جاء في سورة الأنعام ” الذي آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ” وكما قال الله تعالى في شأن العصاة العمي يوم القيامة كما جاء في سورة طه ” ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى ” فهؤلاء نسوا الله تعالي، ونسوا أوامر الله عز وجل.
وعصوا الله في الخلوة، وما تذكروا الله في الرخاء ، فنسيهم الله تعالي وهم في أشد الحاجة إليه سبحانه، وتخلى الله عنهم لأنهم ما عرفوا لله طريقا، وما قدروا لله حقا، فالله سوف ينساهم في ذلك اليوم، الذي يشيب فيه المولود، ذلك اليوم الذي يفر فيه المرء من أمه وأبيه وأخيه وصاحبته وبنيه، ولا يتذكر إلا نفسه، فيحتاج إلى حسنة فلا يجدها، فأولئك العصاة من الزواني والزناة، لم يتذكروا أن ورائهم موت وسكرة، وقبر ووحشة، ومنزل ووحدة، ونار تلظى، لا يصلاها إلا الأشقى، فيالها من خسارة فادحة، وندامة وأي ندامة، أما من أطاعوا الله جل وعلا، الذين إتقوا ربهم في السر والعلانية، فلهم الجنات بإذن الله رب الأرض والسموات، ولذلك ترتب على فعل فاحشة الزنا، تلك العقوبة الصارمة في الحياة الدنيا، والقبر والآخرة.