
العالم على مفترق الحروب
‘ السياسة الدولية في زمن الأزمات المتشابكة ‘
مع نهاية 2025 ، لم تعد الأزمات السياسية والحروب أحداثاً بعيدة ، بل أصبحت تلتهم الاقتصاد والأمن العالمي. من أوكرانيا إلى غزة ، ومن إثيوبيا إلى البحر الأحمر ، شبكة من النزاعات المتزامنة تفرض واقعاً جديداً. لا قوة دولية يمكنها تجاهل التوازنات الجديدة ، ولا اقتصاد يستطيع العمل في عزلة عن التوترات الأمنية.
أوكرانيا : حرب بعيدة لكنها حاضرة في كل الأسواق
الصراع المستمر في أوكرانيا ليس مجرد نزاع إقليمي ، إنه يهدد سلاسل الطاقة والغذاء حول العالم. ارتفاع أسعار القمح والنفط يضغط على أوروبا ، بينما تبحث الصين وتركيا عن فرص لتعزيز نفوذهما في أسواق الطاقة والأسواق الأوروبية. الولايات المتحدة تحاول الموازنة بين دعم أوكرانيا والحفاظ على استقرار الأسواق ، لكن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني من أثر التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
الشرق الأوسط : أزمات متعددة الجبهات
غزة : النزاع المستمر وتأثيره على رفح يضغط على القاهرة ، ويزيد من احتمالات نشاط خلايا داعش واستغلال الفراغ الأمني.
اليمن : هجمات الحوثيين على البحر الأحمر تهدد الملاحة الدولية وتزيد التحديات على دول الخليج ومصر.
سوريا والعراق : تهديدات متكررة من الفصائل المسلحة مع وجود عسكري متعدد الأطراف ، ما يجعل الأمن الإقليمي هشاً ومفتوحاً على أي تصعيد.
أفريقيا : الحروب والتهديدات الاستراتيجية
سد النهضة في إثيوبيا : اكتماله يخلق واقعاً جديداً لمصر والسودان ، يربط الأمن المائي بالأمن السياسي والاقتصادي.
السودان وليبيا : الصراعات الداخلية والميليشيات العابرة للحدود تهدد الأمن الإقليمي ، وتفتح مسارات لتهريب الأسلحة والمرتزقة.
الاقتصاد العالمي تحت ضغط الحروب
الحروب تترك أثرها مباشرة على الاقتصاد العالمي :
أسعار الطاقة والغذاء تتقلب بشكل حاد.
تعطل سلاسل الإمداد يرفع تكلفة النقل والتجارة.
المستثمرون يلجأون للملاذات الآمنة ، بينما تعاني الأسواق الناشئة من اهتزازات مستمرة.
التوازنات الدولية الجديدة
التحالفات التقليدية تواجه تحدياً من تحالفات جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية.
القوة الاقتصادية ، مثل التحكم في الطاقة والمياه وتهديد سلاسل الإمداد ، أصبحت أدوات ضغط رئيسية.
الأزمات الإنسانية تؤثر على سياسات الدول الكبرى والإقليمية، وتجبرها على إعادة النظر في تحركاتها.
توقعات المستقبل القريب (2026–2028)
تصاعد النزاعات غير التقليدية مثل الهجمات السيبرانية وتهديدات الطاقة والغذاء.
إعادة رسم التحالفات الدولية والإقليمية وفق مصالح جديدة.
الأزمات الإنسانية ستصبح عامل ضغط سياسي متزايد ، خصوصاً في أوروبا والشرق الأوسط.
دور مصر ودول الشرق الأوسط سيكون حاسماً في ملفات الطاقة والمياه والأمن الإقليمي.
العالم اليوم على مفترق حروب وأزمات متشابكة. الانتظار ليس خياراً ، التحرك الاستراتيجي المبكر هو السبيل الوحيد لحماية الأمن الوطني والمصالح الاقتصادية. تحتاج الدول إلى تحالفات ذكية و سياسات مرنة وإدارة متعددة الأدوات للأزمات قبل أن تتحول أي أزمة إلى كارثة لا رجعة فيها.
طارق غريب
ديسمبر ٢٠٢٥



