وقد ارتبط ذكرها دائمًا بالمؤامرات ومحاولات السيطرة على الشعوب، لكن أخطر ما يثار حولها هو الربط بينها وبين فكرة المسيخ الدجال التي حذرت منها النصوص الدينية باعتبارها أعظم فتنة ستواجه البشرية.
الماسونية عرفت دائمًا باستخدامها المكثف للرموز التي أثارت الكثير من التساؤلات.
ومن أبرز هذه الرموز العين الواحدة التي تظهر في شعاراتهم وبعض عملاتهم، وهي رمز يرتبط في المخيلة الإسلامية بعين الدجال الواحدة التي ورد ذكرها في الأحاديث النبوية.
هذا التشابه جعل الكثيرين يرون أن الماسونية ليست مجرد منظمة اجتماعية، وإنما كيان يعمل على التمهيد لظهور الدجال عبر نشر أفكار وقيم تتعارض مع الأديان والهوية.
وفي التراث الديني جاءت أوصاف المسيخ الدجال واضحة؛ رجل أعور، مكتوب بين عينيه “كافر”، يملك قدرات خارقة يخدع بها الناس، فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، ويُري الناس الجنة والنار وهو في الحقيقة يقلب الحقائق.
هذه الفتنة العظيمة لا ينجو منها إلا من ثبّت الله قلبه على الإيمان، وهي تقوم على الخداع والسيطرة على عقول البشر، وهو بالضبط ما يُتهم به الفكر الماسوني في محاولاته للهيمنة على المجتمعات.
النظام العالمي الجديد، الذي يردده البعض باعتباره هدفًا ماسونيًا، يقوم على فكرة توحيد الحكم والعملة والجيش، وإلغاء الحدود والهويات، وإقصاء الأديان من المجال العام، ليصبح الإنسان مجرد ترس في منظومة عالمية واحدة.
وهذا المفهوم يكاد يتطابق مع ما ورد عن الدجال من سعيه لجمع الناس تحت رايته بالخداع والسطوة وإيهامهم بالقدرة المطلقة.
خطورة الماسونية، بحسب خصومها، لا تكمن فقط في كونها جمعية سرية، بل في محاولاتها المستمرة لإضعاف الدين وتحويل الإنسان إلى مركز الوجود، بحيث لا يحتاج إلى مرجعية سوى نفسه.
وهو ما يتطابق مع ما يفعله الدجال الذي يدّعي الألوهية ويطلب من أتباعه السجود له.
ومن هنا كان الربط بين الاثنين في نظر الكثيرين طبيعيًا، فالأفكار التي تزرعها الماسونية قد تكون التربة التي يُبذر فيها فكر الدجال عند ظهوره.
لكن تبقى الحقيقة أن أخطر ما يمكن أن يواجه أي مجتمع ليس وجود تنظيم سري أو حتى ظهور فتنة كبرى، وإنما ضعف الوعي والإيمان.
فالمجتمعات الواعية التي تتمسك بدينها وقيمها وتدرك مخاطر ما يُحاك ضدها، لا يمكن أن تسقط بسهولة أمام مؤامرة خفية أو فتنة ظاهرة.
أما المجتمعات التي تفقد هويتها وتغرق في الصراعات الداخلية فهي أكثر عرضة للانهيار تحت أي ضغط، سواء كان ماسونيًا خفيًا أو دجالًا يظهر في العلن.