صحف وتقارير

المتحف المصري الكبير.. يوم تُفتح أبواب التاريخ على المستقبل

محمود سعيد برغش 

 

في يومٍ يحمل عبق الحضارة ووهج الحاضر، تتجه أنظار العالم يوم السبت إلى القاهرة، حيث تُفتَح أبواب المتحف المصري الكبير في مشهدٍ طال انتظاره، ليكون الحدث الثقافي الأبرز في القرن الحادي والعشرين.

ليس مجرد متحف، بل جسرٌ بين الماضي والمستقبل، وحكاية وطنٍ صاغ التاريخ بحروفٍ من نور، وها هو اليوم يُعيد قراءته برؤية عصرية تُبهر العالَم.

 

رسالة مصر إلى الإنسانية

 

يُقام المتحف المصري الكبير عند سفح الأهرامات، ليكتمل المشهد الحضاري الذي ظل لآلاف السنين رمزًا للدهشة والعظمة. فكما بُنيت الأهرامات لتتحدى الزمن، يأتي هذا الصرح ليؤكد أن مصر لا تزال قادرة على أن تُدهش الجميع، وأنها ما زالت أمّ الحضارات.

 

إن افتتاح المتحف ليس حدثًا محليًا فحسب، بل رسالة إلى العالم: أن مصر التي صنعت التاريخ ما زالت تصنع المستقبل.

رسالة تقول إن الحضارة لا تُنسى، وإن اليد التي نقشت الحجر قادرة على بناء الحلم من جديد.

 

من قلب الفراعنة إلى نبض اليوم

 

يضم المتحف آلاف القطع الأثرية التي تحكي سيرة الإنسان المصري منذ فجر التاريخ، بينها كنوز الملك توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة بشكلٍ متكامل، في تصميم معماري مهيب يمزج بين الأصالة والحداثة.

كما تم تجهيز الموقع بأحدث تقنيات العرض والإضاءة والتوثيق، لتصبح الزيارة رحلةً زمنية تأخذ الزائر من النقوش القديمة إلى نبض التكنولوجيا المعاصرة.

 

القرآن الكريم والحضارة

 

يقول الله تعالى:

 

> ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [آل عمران: 137]

 

هذه الآية الكريمة تُلهم الإنسان أن يتأمل في آثار السابقين، ليزداد إيمانًا بعظمة الخالق وقدرة الإنسان على الإبداع.

ومن هنا، فإن المتحف المصري الكبير ليس مجرد عرض لتماثيل وأحجار، بل دعوة للتدبر والتفكر في عظمة الخلق والعمران، كما أمرنا الله.

 

بين الفخر والمسؤولية

 

الفرحة لا تكتمل إلا بالوعي. فافتتاح هذا الصرح يحمّلنا مسؤولية الحفاظ على هويتنا، وتعليم أبنائنا أن الفراعنة لم يكونوا مجرد ملوك، بل علماء ومهندسين وفنانين سبقوا زمانهم.

ولعل أجمل ما يمكن أن نفعله اليوم هو أن نحول هذا المتحف إلى مدرسة للانتماء، تُغرس في قلوب الأجيال القادمة، لا كمزار سياحي، بل كمنارة حضارية.

 

كلمة أخيرة

 

من أمام المتحف، حيث تتعانق الشمس مع أحجار الأهرام، تقف مصر شامخة تقول للعالم:

 

> “ها أنا ذا… لم أعد أروي التاريخ فقط، بل أكتبه من جديد.”

 

إن افتتاح المتحف المصري الكبير هو انتصار للحلم المصري، ورسالة أمل بأننا حين نحسن قراءة ماضينا، نستطيع أن نصنع مستقبلًا يليق بعظمة أجدادنا.

فمصر لا تُفتتح متحفًا فحسب، بل تُعيد افتتاح التاريخ نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock