مقالات وآراء

المعلم.. رعاية الدولة له رعاية لمستقبل الأمة

أشرف ماهر ضلع -الاربعاء 2025-9-3

إذا كانت الأمم تبنى على سواعد أبنائها، فإن المعلم هو الذي يشكّل تلك السواعد ويصوغها بالعلم والمعرفة والقيم. فالمعلم ليس موظفاً يؤدي عملاً روتينياً، بل هو قائد تربوي وصانع وعي ومهندس للنهضة، ومن ثم فإن رعاية الدولة له هي في حقيقتها رعاية لمستقبل الوطن بأسره.

المعلم عماد النهضة

لا طبيب يداوي ولا مهندس يبني ولا قاضٍ يعدل إلا وقد جلس يوماً على مقعد الدراسة أمام معلمٍ صبور. فالمعلم هو الأصل، وما عداه فرع. وإذا كان الجندي يحرس حدود الوطن بسلاحه، فإن المعلم يحرس عقل الأمة وقيمها بفكره ورسالاته.

ومن هنا يصبح الاهتمام بالمعلم واجباً وطنياً، لا من باب التقدير الشخصي فحسب، بل من باب إدراك أن مستقبل أي أمة مرهون بمدى احترامها لمعلميها.

رعاية الدولة.. وفاء للرسالة

حين ترعى الدولة المعلم مادياً ومعنوياً، فإنها في الحقيقة تضع استثمارها في أغلى مورد: العقل البشري. فالمعلم يحتاج إلى بيئة كريمة تحفظ له مكانته، وتوفر له أجراً عادلاً يكفيه عناء البحث عن عمل إضافي، ليتفرغ لرسالته الكبرى في تعليم الأجيال.

كما أن تكريم المعلم لا يكون فقط بزيادة المرتبات أو تحسين الخدمات، بل يكون أيضاً بتوفير التدريب المستمر، والارتقاء بمكانته الاجتماعية، وحمايته من أي اعتداء لفظي أو معنوي، لأنه رمز للعلم وهيبة للمجتمع.

المعلم بين التحديات والآمال

لا يخفى أن المعلم يواجه تحديات جساماً في هذا العصر: من ازدحام الفصول، وضغوط الحياة المعيشية، وتحديات التكنولوجيا التي تستحوذ على عقول الطلاب. ومع ذلك يظل صامداً، يؤدي رسالته في صمت، كالشمع يحترق لينير لغيره.

ولذا كان من الضروري أن تتبنى الدولة خططاً استراتيجية جادة لدعمه، لأن الاستثمار في المعلم هو استثمار طويل المدى يعود على الوطن بأضعاف ما يُنفق.

رسالة إلى صانع القرار

إن كرامة المعلم هي كرامة الأمة. وحين يرى الطالب أن معلمه مكرّم من دولته، مُصان في مكانته، يزداد احترامه له، وتترسخ في ذهنه قدوة حقيقية. أما إذا تُرك المعلم في دائرة الإهمال، فكيف نرجو من الأجيال أن تحترم العلم؟

المعلم هو شريان الحياة لوعي الأمة. وإذا كانت الدولة تبني الجسور والطرقات، فإنها مطالبة أولاً بأن تبني الإنسان. وبناء الإنسان يبدأ من المعلم، فبرعايته ترقى الأوطان، وبإهماله تنهار القيم.

فلنرفع جميعاً الصوت:
رعاية المعلم ليست ترفاً، بل هي واجب وطني وقومي وديني، لأن من يكرم معلمه، يكرم مستقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock